نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون جلد : 1 صفحه : 99
ألا وإن لكلّ مأموم إماما يقتدي به ويستضيء بنور علمه، ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه، ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهاد [1] ، فو الله ما كنزت من دنياكم تبرا، ولا ادخرت من غنائمها وفرا، ولا أعددت لبالي ثوبيّ طمرا؛ بلى، كانت في أيدينا فدك من كلّ ما أظلّته السماء، فشحّت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس آخرين. ونعم الحكم الله؛ ما أصنع بفدك وغير فدك والنفس مظانّها في غد جدث تنقطع في ظلمته آثارها وتغيب أخبارها، وحفرة لو زيد في فسحتها وأوسعت يدا حافرها لأضغطها الحجر والمدر، وسدّ فرجها التراب المتراكم؛ وإنما هي نفس أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر منها. ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفّى هذا العسل ولباب هذا القمح ونسائج هذا القزّ، ولكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخير «2» الأطعمة، ولعلّ بالحجاز أو باليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشّبع؛ أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرّى، أو أكون كما قال القائل [من الطويل] :
وحسبك داء أن تبيت ببطنة ... وحولك أكباد تحنّ إلى القدّ
أأقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدّهر؟ أو أكون أسوة لهم في خشونة «3» العيش، فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات كالبهيمة المربوطة همّها علفها، والمرسلة شغلها تقمّمها.
[179]- ومن «4» كلام له عليه السلام: فلا يكن أفضل ما نلت من
[179] نهج البلاغة: 457، من كتاب له إلى ابن عباس.
نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون جلد : 1 صفحه : 99