responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون    جلد : 1  صفحه : 445
بالخرق، وما علمت أنك تستجيز هذا في دينك وهديك ومروءتك، ولو أمرتك ببعض ما رأيت بعقلك وحزمك لكان من حسن المؤازرة ومبذول النصيحة والنظر للرعية الضعيفة الجاهلة أن تسألني الكفّ وتبعثني على الحلم وتحبّب إليّ الصفح، وترغّبني في فضل الاغضاء على هذه الاشياء، وقد ساءني جهلك بحدود العقاب، ولقد عصيت الله بهذا الرأي ودللت على قسوة القلب وقلّة الرحمة ويبس الطينة وقلّة الديانة. أما تعلم أن الرعية وديعة الله عند سلطانها، وأن الله سائله عنها كيف سستها ولعله لا يسألها عنه، فإن سألها فلتوكيد الحجّة عليه منها؟ ألا تدري أن أحدا من الرعية لا يقول ما يقول إلا لظلم لحقه، أو داهية نالته أو نالت صاحبا له؟ وكيف نقول لهم كونوا أتقياء صالحين مقبلين على معاشكم غير خائضين في حديثنا ولا سائلين عن أمرنا، والعرب تقول في كلامها: غلبنا السلطان فلبس فروتنا وأكل خضرتنا، وحنق المملوك على المالك معروف، وإنما يحتمل السيد على ضروب تكاليفه ومكاره تصاريفه إذا كان العيش في كنفه رافغا، والأمل فيه قويا، والصدر عليه باردا، والقلب معه ساكنا، أتظن أنّ العلم بالجهل يدفع والعذر به يسع؟ لا والله، ما الرأي ما رأيت ولا الصواب ما ذكرت، وجّه صاحبك وليكن ذا خبرة ورفق، معروفا بتحرّ وصدق، حتى يعرف حال هذه الطائفة ويقف على شان كل واحد منها في معاشه وقدر ما هو [متقلب فيه و] منقلب إليه، فمن كان منهم يصلح لعمل فعلّقه به، ومن كان سيء الحال فصله من بيت المال بما يعيد نضرة حاله، ويفيد طمأنينة باله، ومن لم يكن من هذا الرهط بل هو غنيّ مكفيّ، وإنما يخرجه إلى دكان هذا التبّان البطر والزهو فادع به وانصحه ولاطفه، وقل له: إن لفظك مسموع وكلامك مرفوع، ومتى وقف أمير المؤمنين على كنه ذلك منك لم تجدك إلّا في عرصة المقابر، فاستأنف لنفسك سيرة تسلم بها من سلطانك وتحمد بها عند إخوانك، وإياك أن تجعل نفسك عظة لغيرك بعد ما كان غيرك عظة لك، ولولا أن الأخذ بالجريرة الأولى مخالف

نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون    جلد : 1  صفحه : 445
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست