responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير الأدبي نویسنده : حسين على محمد    جلد : 1  صفحه : 224
الغزو لم يمر بسهولة، فالغيورون على وجه المدينة العربية نبهوا إلى خطر هذا الزحف خصوصًا أنه كان ذات يوم وسيلة من وسائل الهيمنة الأجنبية أيام الاستعمار، فلما انقشع الاستعمار وتحررت الأوطان العربية من سيطرته بقيت هذه المظاهر دليلا على الهيمنة الأجنبية في الثقافة والفكر والاقتصاد أيضًا.
وإذا كان الوطنيون قد رفضوا هذا المظهر في المرحلة الماضية، فعليهم أن يرفضوه في هذه المرحلة؛ فدلالة هذه اللافتات في المرحلة الحالية هي دلالتها نفسها في المرحلة الماضية.
فإذا كانت الصحف المصرية قد أعلنت الحرب على استخدام الألفاظ والعبارات والحروف الأجنبية في أواخر الثلاثينيات الميلادية، حتى نجحت عام 1941 في حمل هذه الشركات والمصالح الحكومية التي كانت تحت الإدارة البريطانية على استخدام اللغة العربية، لغة البلاد القومية، وإذا كانت الحكومة المصرية قد استطاعت أن تغسل وجه القاهرة -وغيرها من المدن- من اللافتات الأجنبية في حركة التمصير في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات انطلاقًا من الاعتزاز باللغة القومية، فإننا مطالبون الآن بالدور نفسه.
ومن هنا وجدنا وزير التموين المصري يتصدر في آواخر الثمانينيات لهذه الفوضى الإعلانية، فأصدر قرارًا بإعادة الوجه العربي إلى مدينة القاهرة، ذلك بتغيير اللوحات الإعلانية الأجنبية إلى لوحات عربية، وقد أمهل أصحاب الشركات والمؤسسات والمتاجر ستة أشهر، وهنا أطلقت عليه وسائل الإعلام سهامها النارية، وسلقته بألسنة حداد، وسخرت من قراره، وقدمت مختلف الحجج والبراهين على تعذر تنفيذ هذا القرار واستحالته، ومضت المدة، ومات القرار، وهدأت العاصفة، واستمر الزحف التغريبي على وجه القاهرة.

نام کتاب : التحرير الأدبي نویسنده : حسين على محمد    جلد : 1  صفحه : 224
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست