ولا سيما أن كانت سماناً، فأن طيرانه وأكله هذه اللحوم مما يذيب الجص ويذهب به، وإن لم يمكن ذلك فأطعمه لحم مخاليف الحمام السمان ودماءها وشحومها فأنها صالحة له ولا بأس بلحم الأرنب حاراً، ولحمُ الخنزير وشحمهُ أبلغُ ما عولج به الجص، فأطعمه منه طعماً أو طعمين وإذا ابيضت عبنا البازي من شدة الجص فأعلم أنه قد صعد إلى رأسه، فمن الناس من يكون وسط رأسه، ومنهم من يكوي حنكه الأعلى بعود آس أو بمسلة، وأصل هذا العلاج التُرك، وأظنهم يفعلون ذلك بالبازي وليس به جص ليأمنوا عليه، وقلّ من رأيناه كوى بازياً في حال علته فنفعه ذلك، والأصلح ما ذكرناه ولا تَقْرَبه النار، ومن الناس من يعالج الجص بأشياء كثيرة وأدوية حارة حادة، يقتل اليسير منها الرجل فضلاً عن الجارح، فتركنا ذكرها، إذ كان العقل لا يوجب قبولها، ولأنني ما امتحنتها فأحمدها، ولا رأيت من امتحنها يحمدها.
وقد حدثني من أثق بقوله أنه عالج بازياً له من الجص بمرارة عنزٍ مع يسيرٍ من فانيذ فأنتفع به، وذلك أنه أخذ مرارة عنز فصبّ نصفها وجعل في النصف الآخر من الفانيذ السكري المدقوق مقدار ما تحمله وشد رأسها بخيط وأدخلها في حلق البازي، وجرّ الخيط منها فأنتفع بذلك، وذرَقَ الداء، فمتى عالجت بهذا الدواء فأكثر عرض الماء على البازي فأنه يشرب ويرمي بما في جوفه من الجص، ولم نجرب ذلك غير أن من حدثنا به بصير ثقة، وقد شرحنا ما علمناه من علاج الناس.
وقد كان عندنا بازي لمولانا صلى الله عليه وعلى آبائه الطاهرين، به ورم في رأسه، وجص في جوفه، وكنا نعالجه بمذبح التيس، وذلك