وقد خبرني من جرب ذلك وزعم أنه لم يمْسَسْ جارحاً وهو جنب إلا تبين فيه التغير من يومه، ولا تحمله وقد أكلت بصلاً ولا ثوماً، ولا ما يتغير له الفم فأنك تؤذيه بذلك، ويحوّل وجهه عنك، ولا تنهره ولا تصح في وجهه، فأنه يعرف، وتباعده من نفسك بل تحبب إليه بمداراتك له ورفقك به، عند حمله، ولقمه اللقمة الصغيرة في غير أوقات طعمه وصيده، وفي الليل إذا علمت أن ليس عليه طعم ولا ريمجة وليكن تلقيمك له من فيك، ليألف ذلك منك، ومتى صحت به طلب صياحك للعادة، وإنما جعل مضغ اللحْم للبازي لهذا السبب. وكثير من البيازرة لا يعرف ذلك، وإنما يطعم للعرف والعادة، وإذا أردت أن يحبك بازيك ويألفك، ويسرع الإجابة إليك، فخذ من شحم سرة الدابة وأجعله في أناء، فإذا كان الليل فأحمل البازي في السراج، وخذ من ذلك الشحم مثل الحمصة، فأجعله بين سبابتك وإبهامك، فإذا ذاب فأمسح منه منسره، فأنه يجد طعمه ورائحته وتبين لك الزيادة في أنسه، ثم لا يصبر عنك. وهذا مما أحدثته الترك على ما بلغنا. وجنبه لحم العقعق والزاغ والغُداف ودم الريحاني أعني الحذف، وما علمته سَهَكاً من سائر طير الماء، والحمامة العتيقة فأنها علقم.
ولقد خبرني بعض الناس أنه ذبح حمامة عتيقة ضخمة، وأنه أطعم منها ستة بواشق، وكانت فراخاً فلم تبت ليلتها حتى قذفت كلها دوداً، وماتت عن آخرها، وجنبه ريش الطيهوج والغرّ وإلهام وما كان ريشه ليناً،