والزمان فقال: أين شاهينك؟ قلت: أحسبه تلف فقال: ما قصَّرت. وكان ذلك غاية ما عنده إذا حرد مضاهياً لأخلاق جدّه رسول الله صلى الله عليه إذ يقول الله تعالى فيه عليه السلام لحسن خلقه: وإنك لعلى خُلُقٍ عظيم. وأخْلِق بمن كان ابن محمد بمن كان ابن محمد وعلي وفاطمة أن يكون خُلقُه كخلقهم صلوات الله عليهم أجمعين.
فرجعت وقد لحقني غمّ عظيم وكان تحتي فرس من جياد الخيل، ومعي جماعة من عبيدي. وتمادى صلوات الله عليه في الصيد، ولم أزل أطوف في الصحراء إلى قبل المغيب، فرأيت شيئاً عن بعد فقربت منه فنفر بي الفرس، فتماديت فإذا بالشاهين على الشاة قد قطع أذنيها وتلطخ بدمها، وهو وحده بغير كلب معه ولا معين، فركضت إليها فلما أحسَّت بي قامت فعدت طالعه في الجبل، وقلع الشاهين رجله عليها وتبعه فلحقها فأمسكها فَنفضَته وعَدَتْ فلحقها فصادها، ثم أحست بي فقامت فَعَدت إلى أن جاءت إلى سترة فرقدت فيها، وقلع الشاهين رجله عليها، ونزلت فكبَّرت وذبحتها وأشبعت الشاهين عليها.
ورجعت لأعرّف مولانا صلى الله عليه فلقيني عمي رضي الله عنه فقال: يا مولاي وجدتَ الطير؟ قلت: نعم فقال: قد شغلت قلب مولانا صلى الله عليه وجئنا جميعاً إلى مولانا صلى الله عليه فقبَّلنا الأرض فقال: وجدتَ الطير؟ قلت: نعم فقال: كيف كانت الصورة؟ فحكيتها له صلى الله عليه فقال: ما سمعت قط نظيراً لهذا، ولا سمع به سامع، ثم عاد إلى قصره المعظم المعمور بالعز الدائم وما رأيت قط مثله ولا احسبني أرى.
وقد رأيت من الصقور ما لم يسمع بمثله كثرةً تصيد الغزلان، ولكن يرسل ثلاثة على التيس واثنان وهذا ما لا يعرفه أهل الشرق إذ كانوا بعد