نام کتاب : البرصان والعرجان والعميان والحولان نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 293
وهذا عيب، لأنه وصف شيخا قد نحل جسمه، وذهب شحمه ولحمه، ودقّ عظمه ورقّ عصبه، فماج إهابه، وصار فارغا، بعد أن كان مملوّا. فإذا صار الجلد كذلك وذهب الذي كان يملؤه وتمدّد وتبسّط، وذهبت البلّة، وأعقب مكانها اليبس، تقبّض جلده وتشنّج إهابه. ولذلك قال النّمر بن تولب:
كأنّ محطّا في يدي حارثيّة ... صناع علت منّي به الجلد من عل [1]
والمحط: مدلكة مملّسة يحطّ بها أصحاب المصاحف ظهور جلود رقاب المصاحف لتجعل تلك الجزوز نقوشا.
وما أحسن ما قال النّمر بن تولب، ولقد جهدت أن أصيب بيت شعر مثل هذا للعرب فما قدرت عليه، وكذلك قول عنترة [2] :
فترى الذّباب بها يغنّى وحده ... هزجا كفعل الشّارب المترنّم
غردا يحكّ ذراعه بذراعه ... فعل المكبّ على الزّناد الأجذم
- واتساعه لكبره.
[1] البيت في ديوان النمر 85، وفي الحيوان 5: 48، وجمهرة أشعار العرب 109، واللسان (حطط 145) . وقبله في الديوان والجمهرة:
فضول أراها في أديمى بعدما ... يكون كفاف اللحم أو هو أفضل
وفي الجمهرة: يقول: رابتني هذه الفضول أو التقبض، بعد ما كان مكتنزا كفافا أو هو أفضل. يقول: إنه كان لحمه كثيرا كفاف الجلد، فلما هزل اضطرب جلده. والمحطّ: الذي يحط به الأدم (في اللسان: حديدة أو خشبة يصقل بها الجلد حتى يلين ويرقّ) . وأراد بالحارثية النسبة إلى الحارث بن كعب، لأنّهم أهل أدم. [2] انظر الحيوان 3: 127، والبيان 3: 326.
نام کتاب : البرصان والعرجان والعميان والحولان نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 293