ولم تزل الجرادتان فى ملك ابن جدعان حتى أسن فوهبهما لامية ابن أبى الصلت.
أخبرنا أبو أحمد عن الصولى عن الزبير بن بكار عن جعفر ابن الحسن عن ابراهيم بن أحمد قال: قدم أمية بن أبى الصلت على عبد الله بن جدعان فلما دخل عليه قال له عبد الله: أمر ما أتى بك! قال: كلاب غرماء نبحتنى ونهشتنى، فقال له عبد الله: وأنا على حقوق لزمتنى، فأنظرنى قليلا أنجم «1» ما فى يدى، وقد ضمنت قضاء دينك، ولا أسألك عن مبلغه، فأقام أياما ثم أتاه، فأنشأ يقول:
أأذكر حاجتى أم قد كفانى ... حياؤك انّ شيمتك الحياء
وعلمك بالامور فأنت قرم ... لك الحسب المهذّب والسّناء
كريم لا يغيّره صباح ... عن الخلق الكريم ولا مساء
تبارى الرّيح مكرمة وجودا ... اذا ما الكلب اجحره «2» الشّتاء
اذا أثنى عليك المرء يوما ... كفاه من تعرّضه الثّناء
فلما أنشده هذا الشعر، كانت عنده قينتان قال: خذ أيهما شئت، فأخذ احداهما وانصراف، فمر بمجلس من مجالس قريش، فلاموه على أخذها، فقالوا: قد ألفيته عليلا، فلو رددتها عليه، فانه يحتاج الى خدمتها كان ذلك أقرب لك عنده، وأكثر من كل حق ضمنه، فوقع الكلام من أمية موقعا، فرجع