يخدمونهم فى خاص أنفسهم، وطالت الخلوة معهم والصحبة لهم، وعلى حسبها يكون الانس، ورأوهم يجرون مجرى النساء فى بعض صفاتهن، فطلبوا منهم ذلك الفعل فأجابوهم، وأطاعوهم للأنس الذى بينهم، لما عودوهم من شدة الانقياد لهم.
وكان ابتداؤه اول ما ظهر من خراسان فى صدر الاسلام ولم يعرف أهل الجاهلية من العرب والعجم أصلا، والدليل على ذلك أنه لم يرو فيه شعر ولا مثل، وكان من عادتهم ان يقولوا الاشعار الكثيرة فى الشىء الزهيد كقولهم فى الفأر والجوز، وحكايتهم عن لسان الضب «1» واليربوع «2» وغير ذلك، ولو كان معروفا ذلك الفعل عندهم لعيروا به أو وصفوه، فأنهم يصفون مادونه، اما ما روى عن النبى- صلّى الله عليه وسلم- او عن أمير المؤمنين على- عليه السلام- انه رأى رجلا ينكح رجلا فالقى عليهما حائطا، «3» فان المنكوح كان مبتلى بالداء الذى يسمى الابنة ولم يكن ذلك لشهوة النكاح، وقد ذكر جماعة من رؤساء العرب فى الجاهلية بهذا الداء، منهم أبو جهل، وكانت الفرس ترى على من به هذا الداء ثم مكن من نفسه ضرب الرقبة، وعلى من فعل به ذلك مثله أيضا، وكانوا يجعلون الناكح بمنزلة القاتل لانه ضيع نطفة كان يكون منها انسان، فكانوا يرون قتله لذلك. أول من صنف فى صنعة عبد الله بن المعتز
الف كتابا صغيرا سماه كتاب البديع، «4» وذكر أن اسم البديع اسم لفنون