وروى بعض الشيوخ عن عمر بن الخطاب- رضى الله عنه- قال:
خرجت وجماعة من قريش الى العراق فى تجارة، فلما دنونا من الأرياف خرج قوم فقطعوا علينا فدخلنا المدائن مخففين، قال: فكنت أطوف بها أطلب رجلا يفهم عنى ما أقول فأسترشده فى أمرنا فلا أجد، حتى مررت بصائغ سقطت مطرقته فقال: بسم الله، وأخذها فدنوت منه، فذكر انه نصرانى من أهل الحيرة، فشكوت اليه ما لقينا فقال: سر الى باب الملك فان المتظلم لا يمنع منه، فلما ادخلت اليه وذكرت أمرنا دفع إلى ألف درهم وأخرجت، فعدت اليوم الثانى فتكلمت فدفع إلى ألف درهم أخرى وأخرجت، وكذلك فى اليوم الثالث، فلما أمرت بالخروج وقد دفع الى ألفا أخرى أومأت اليه انى لم أحضر لطمع، فعلم أن الترجمان يخون ويؤدى خلاف ما أورد عليه، فأحضر ترجمانا آخر فأدى ما قلت، فقال: لا تبرحوا البلد، فلم نلبث الا قليلا حتى أدخلنا اليه، فاذا اللصوص والترجمان مكتوفون بين يديه وأمتعتنا موضوعة، فقيل لنا: هل تفقدون شيئا منها؟ قلنا: مقرعة، فطالبهم بها فقالوا: لا نعرف لها موضعا ونعوضهم عنها مقرعة فضة، ثم اشترى منا تجارتنا بربح وافر، فذكرت ما أعطيت في الأيام الثلاثة، فقيل: هى لك لا يسترد ما أعطيناه، وأقمنا حتى أصلحنا أمورنا وخرجنا، فاذا اللصوص والترجمان مصلوبون فى المكان الذى قطعوا علينا فيه.
أول من سن الدية مائة من الابل عبد المطلب
أخبرنا جماعة من مشايخنا قالوا: لقى عبد المطلب من قريش أذى كثيرا حين أقام سقاية زمزم، وحسدوه حسدا شديدا لانصراف الناس اليها عن غيرها. لمكانها من المسجد الحرام، ولأنها بئر اسماعيل عليه السلام، فنذر لئن ولد له عشرة نفرا بلغوا معه حتى يمنعوه ليذبحن أحدهم لله عند الكعبة، فلما توافى بنوه عشرة جمعهم ثم أخبرهم بنذره ودعاهم الى الوفاء لله به فأطاعوه، وقالوا: كيف نصنع؟