عليهن، فان كانت احداهن على حالة لا يجوز ان يطلع عليها تغيرت عنها، وكان ذلك من الآداب المستحسنة، فاتخذ اهل الوقت بعد ذلك نعال الخشب، يتوخون بها ما توخاه المروانى بالنعال الصرارة. أول من رد فدكا عمر بن عبد العزيز
أخبرنا أبو احمد عن الجوهرى عن محمد بن زكريا عن ابن عائشة، وعن أبيه عن عمه قال: شهد على وأم أيمن عند أبى بكر- رضى الله عنه- أن النبى- صلّى الله عليه وسلم- وهب فدكا لفاطمة، وشهد عمر وعبد الرحمن بن عوف أن رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- كان يقسمها، فقال أبو بكر: صدقوا وصدقت، كان مالا لابيك، وكان يأخذ منها قوته ويقسم الباقى، فما تصنعين بها؟ قالت:
صنيع أبى قال: فلك على ان اصنع فيها صنيع أبيك- عليه الصلاة والسلام- فكان يدفع اليهم ما يكفيهم، ويقسم الباقى، وكذلك فعل عمر وعثمان وعلى، فلما ولى معاوية- وذلك بعد الحسن- تداولوها حتى ولى مروان، فوهبها لعبد العزيز بن مروان، فتخلصها عمر ابنه فى حياة أبيه، فلما ولى كانت أول مظلمة ردها على بنى على- عليه السلام- ثم قبضها يزيد بن عبد الملك، فلما ولى أبو العباس ردها الى عبد الله بن الحسن، ثم قبضها أبو جعفر، ثم ردها المهدى على ولد فاطمة، ثم قبضها موسى وهارون، ثم ردها عليهم المأمون.
أخبرنا أبو احمد عن الجوهرى عن محمد بن زكريا عن مهدى بن سابق قال: جلس المأمون للمظالم، وأول رقعة وقعت فى يده نظر فيها وبكى، ثم قال: أين وكيل فاطمة بنت رسول الله- صلّى الله عليه وسلم-؟ فقام شيخ وعليه دراعة وعمامة وخف ثغرى، فتقدم فجعل يناظره فى فدك، والمأمون يحتج عليه وهو يحتج على المأمون، ثم أمر أن يسجل بها لهم فسجل وأمضاه المأمون، فأنشأ دعبل يقول:
أصبح وجه الزّمان قد ضحكا ... بردّ مأمون هاشم فدكا