أما بعد: فانى قد وليتك ما وليتك ما أنت أهل له، وأنا أعلم أنك لم تضبطه الا بالتقوى والصبر، وقد قرأت كتاب معاوية، فاحذر فانه الشيطان يأتى المرء من بين يديه ومن خلفه، وكانت من أبى سفيان زمن عمر فلتة فلا يثبت بها نسب، ولا يستحق بها ميراث.
فلما قرأه زياد قال: شهد لى أبو الحسن ورب الكعبة، فلما قتل على- رضى الله عنه- واجتمع الامر لمعاوية، قال للمغيرة ابن شعبة: ان داهية العرب متحصن فى قلاع فارس، معه الاموال، ما يؤمننى أن يدعو الى رجل من أهل البيت، فيعيد على الأمر جذعة، «1» قال: أتحب أن أكون رسولك اليه؟ قال:
نعم، فخرج حتى ورد عليه، فقال: ان معاوية أقلقه الوجل منك، وقد استقام له الأمر، وبايعه الحسن، وليس فى أهل هذا البيت أحد يمد اليه الناس أعناقهم، وأرى ان تصل حبلك بحبله، وتنقل أصلك الى أصله، ففعل، وقدم الى معاوية فادعاه، وخطب وقال: انه من يرد على دفع خسيسته، «2» واثبات وطأته، سبب له الأمور، وأجرى له المقادير، حتى يبلغ به النسب المشهور، والأمد المذكور، وان زيادا من الله عليه وعلينا معه بصلة رحم، مدتها رحم مقطوعة، فوشمت العروق فى مناسبها، «3» واشتبكت الارحام فى معادنها، فالحمد لله الذى وصل ما قطعه الناس، وألطف لما جفوا عنه، وحفظ ما ضيعوا منه، فقال يونس بن سعيد: خالفت قول النبى- صلّى الله عليه وسلم- «الولد للفراش وللعاهر الحجر» قال: لقد هممت أن أطير بك طيرة بطيئة وقوعها قال: ثم يكون الرد الى الله تعالى قال: أجل، استغفر الله! فقال عبد الرحمن بن الحكم «4» :