نام کتاب : الأنوار ومحاسن الأشعار نویسنده : الشمشاطي جلد : 1 صفحه : 14
حَوْلي أُسَيِّدُ والهُجَيْمُ ومَازِنٌ ... وإِذَا حَللْتُ فحَوْلَ بَيْتِي خَضَّمُ
وجَرى بينَ بَني أَبي رَبيعةَ بن ذُهْلٍ وبين بني مُرَّة بن ذُهْلٍ خُلْفٌ، بِسببِ حُلَفاءَ لهم يقال لهُم بنو عائِذةَ بنِ لُؤَيٍّ، فإنْمَا زَت بنو أَبي ربيعة مع سيدها هانئ بن مسعودٍ، وسارُوا عنهُم حتى نَزَلُوا على ماءٍ لهُمْ يقال له مُبَايض، فهرَبَ عَبدٌ لهُم، فأَتَى بِلادَ تَمِيم، فأَخْبَرَهم فقال: إِنّ حَيّاً حَرِيداً من بَكْر بن وَائِلٍ، وهم بنو أَبي رَبِيعَةَ، قد نَزَلوا على مُبايِض. فلمّا تحقَّقوا ذلك قال طَرِيفٌ: هؤلاءِ ثَأْرِي، ومَن كنتُ أَبْغِي، يالَ تَمِيمٍ إنما هم أَكلَةُ رأْسٍ. وأَقبلَ في بني عمرِو بن تَمِيمٍ واستَغْوَى قبائلَ من تميمٍ، فأَتَاه أَبو الجَدْعاءِ الطُهَوِيّ في بني طُهَيَّة وفيمن تبعَه من بَنِي حَنْظَلَة، وفَدَكِيُّ بن أَعْبَدَ فيمن تَبِعَه من بَني سَعْد بن زَيْدِ مَناةَ، فأَقْبَلُوا مُتَسانِدين، حتّى إذا كانوا قريباً منهم باتُوا ليُصَبِّحوهُم بالغَارَة، فبَصُرت بهم أَمَةٌ كانَت تَرْعَى لرجلٍ من بني عائذةَ يقال له سُميرُ بن أَحْمَرَ، فقالت لمَولاهَا: لقد رأَيتُ بالدَّوِّ نَعَماً كثيراً، فقال: يا بنِي أَبي رَبيعة، من أَي الوَجْهِ سَرَحَ نَعَمُ عُبَادِ بن مسعُود؟ فَقَالُوا من هذا الوَجْه خِلافَ الوَجْهِ الذي جاءَتْ منه الجَارِيةُ فقال: يا هؤلاء، قد واللهِ جَاءَتْكم تميمٌ، فارْتَئُوا رأْيَكُم، وانْظُروا في أَمركم. فاجْتَمَعُوا إِلى سَيّدهم هانئٍ فقال لهم: أَطِيعُوني اليومَ وإِلاّ انْتَحَيْتُ على ظُبّةِ سَيفي. فقالوا له: قُلْ نُطِعْكَ. قال: احْتَمِلُوا. فاحتَمَلوا. ثمّ قال: لا يَتَخَلَّفَنّ عنّي أَحدٌ يُطيقُ حَمْلَ السِّلاح، فأَتَوهُ، فانْتَهَى بهم إِلى عَلَم مُبَايِض، فأَقَام عليه بهِم، وأَمرَهُم فشرَّقُوا بالأَمْوَال والسَّرْح، وصَبّحتْهُم بنو تَمِيم وقد حَذِروا فقال طَرِيفٌ لبني تميم: أَطِيعُوني وافرُغُوا من هؤلاءِ الأَكْلُبِ يَصفُ لكم ما وراءَكم. فقال أبو الجدعاءِ وفَدَكِيُّ بن أَعْبَدَ: نُقَاتِلُ أَكْلُباً أَحْرَزوا أَنْفسَهم ونَدَعُ أَموالَهُم؟ ما هذا برَأْيٍ. وخالَفُوه، وقال هانِئٌ لأَصحابه: لا يُقاتِلَنّ رَجُلٌ منكم.
ومَضَتْ بنو تميمٍ حتى لَحقَتْ بالنَّعَم والعِيَال، فقل رجلٌ من بني تميم لغلامَيْن لَحِقَهما من بَكْر بن وائل على جَمَلٍ: مَن أَنتُما؟ فقالا: ابنَا هانئ بن مسعودٍ، قَبِيصَةٌ وعامِرٌ، فقال: ناوِلاني أَيْدِيَكما، فأَمّا قَبِيصةُ فأَبَى. وناوَلَه عامِرٌ يَدَه، فضَبَطَها وغَمزَ فرسَه فاقتلَعَهُ عن الجمَل وقال: يَكْفِينِي هذا من الغنيمَة، ومضَى به قَبْلَ القِتَال، وصارَتْ بنو تميمٍ في النَّعَمِ والعِيَالِ، وهانئٌ يكفُّ أَصحَابَه عن القِتال، فكان أَوّلَ من مَرَّ به حَمُولَةُ عُبَادِ بن مسعودٍ ونَعَمُه، وفيها بَناتُه وحُرَمُه، فقال عُبادٌ لهانئٍ: واللهِ لتأْذَنَنَّ لي في القتال أَو لأَفْجُرَنَّ. قال: قد أَذنْتُ لك ولبَنِيكَ، ولستُ آذَنُ لغيرِكم. فنزَلَ عُبَادٌ من العَلَم في ثمانيةٍ من وَلَدهِ، فاعترَضوا القومَ، وقال عُبَادٌ لبَنِيه: لا تَنظُروا حيث يقَعُ السِلاحُ منكم، ولكن انْظُرُوا حَيُث تَضَعون سِلاحَكم من الرَّجُلِ، فأَوَّلُ من لَقُوا أَبو الجَدعاءِ الطُهَويّ وهو يَسُوقُ حَمُولَة عُبَادٍ وأَهْلَهُ، قال سعْد بن عُبَادٍ: فاعترضتُ أَبا الجَدْعَاءِ، وأَقْبَلَ نَحْوِي بسِنَانٍ كأَنَّه شُعْلَةُ نارٍ، فمارَ السِّنانُ بين عَضُدي ودَفّى، فذَكرْتُ وَصِيّةَ أَبي ورأَيتُ فَتْقَ الدِّرْع من تحْتِ لَبَّتهِ، فأَطْعُنُهُ في المَوْضِع طَعْنةً خَرَجَتْ من بين كَتفيه وخَرَّ ميتاً، وهربَ فَدَكيُّ بن أَعْبَدَ. وأَذِنَ هانئٌ للناس في القتال، فانْحَدَروا واعترضوا بني تميمٍ وقد تَشاغَلوا بالغَنائم، وأقبَلَ حُمَيْصِيصةُ بن شَرَاحِيلَ بنِ جَنْدَلِ بن قَتادَةَ بن مَرْثَد بن عامرٍ بن أَبي رَبِيعَة، وليس له هَمٌّ غير طَرِيف، فلما رَآهُ طَريفٌ قال: اذْكُرْ يمِينَك. واختلَفَا طَعْنَتَيْن، فطَعنَه حُمَيْصِيصة فقتَلَه، وانهزَمَتْ بنو تَميمٍ وقُتِلَ مِنْهم خَلْقٌ كَثِيرٌ، فقال أَبو مارِدٍ أَخو بني أَبي ربيعة:
نام کتاب : الأنوار ومحاسن الأشعار نویسنده : الشمشاطي جلد : 1 صفحه : 14