باب الخطأ في سوء المشورة والرأي
قال أبو عبيدة: من أمثالهم في نحو هذا قولهم: أجناؤها أبناؤها.
قال أبو عبيدة: وأصل ذلك أنَّ ملكاً من ملوك اليمن غزا، وخلف على ملكه بنتاً له، وإنَّ ابنته أحدثت بعده بنياناً قد كان أبوها يكرهه، وإنّما فعلت ذلك برأي قوم من أهل مملكته، أشاروا عليها به، وزينوه عندها، فلما قدم الملك فأخبر بمشورة أولئك ورأيهم أمرهم بأعيانهم أن يهدموه، وقال عند ذلك: " أجناؤها أبناؤها " فذهبت مثلاً.
قال أبو عبيدة: والأجناء هم الجناة، والأبناء هم البناة، والواحد منهم جانٍ وبانٍ، وهذا جمع عزيز في الكلام، أن يجمع فاعل على أفعل، ونظائرة: شاهد وأشهاد، وصاحب وأصحاب. ومعنى المثل أنَّ الذين جنوا على هذه الدار بالهدم هم الذين عمروها بالبنيان. يضرب هذا الرجل يعمل الشيء بغير روية ولا نظر فيتعنى فيه ويكلف، ثم يحتاج إلى نقض ما عمل وإفساده. ومثله قولهم: يعدو على المرء ما يأتمر.