يدخل منهم رجلاً رجلاً، فيقتله، فلما رأوا إنّه ليس يخرج أحد ممن يدخل علموا أنَّ الدخول إليه إنّما هو أسر ثم قتل، فعندها قال قائلهم: " ليس بعد الإسار إلاّ القتل " فامتنعوا حينئذ من الدخول قال أبو عبيد: ومن أمثالهم في نحو هذا: سواء علينا قاتلاه وسالبه.
يقول: إذا رأيت رجلاً قد سلبه رجل علم إنّه لم يسلبه وهو حي ممتنع، فعلم بهذا إنّه قد قتله ثم سلبه، فهذا جعل السالب قاتلاً.
باب الظالم في عقوبة المحسن البريء
قال الأصمعي: من أمثالهم في هذا: مالي ذنب إلاّ نب صحر.
قال: وصحر اسم امرأة لم يعرف الأصمعي من قصتها غير هذا. وكان المفضل يقتص حديثها يقول: هي صحر ابنه لقمان العادي، وكان أبوها لقمان وأخوها لقيم خرجا مغيرين، فأصابا إبلاً كثيرة، فسبق لقيم إلى منزله، فعمدت أخته صحر إلى جزور مما قدم به لقيم فنحرتها وصنعت منها طعاماً يكون معداً لأبيها لقمان إذا قدم: تتحف به. وقد كان لقمان حسد ابنه لقيما لتبريزه عليه، فلما قدم لقمان قدمت إليه صحر الطعام، وعلم إنّه من غنيمة لقيم، لطمها لطمة قضت عليها: فصارت عقوبتها مثلاً لكل من لا ذنب له يعاقب. وفيه يقول خفاف أبن ندبة السلمى:
وعباس يدب لي المنايا ... وما أذنبت إلاّ ذنب صحر