responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأزمنة والأمكنة نویسنده : المرزوقي    جلد : 1  صفحه : 108
فإن قال قائل: فهل يجوز أن نعلم القديم تعالى من طريق الخبر؟ قلت: لا، لأنّ الخبر على قسمين: فمنه ما يضطر السّامع إلى العلم بالمخبر به كالخبر عن البلدان والأمصار، وقد علمنا أنه لا يجوز أن نعلم الله من هذه الجهة، لأنا وجدنا العقلاء يشكون من أنّ لهم صانعا مع إخبار المخبرين به، ولو كان يعلم من طريق الخبر لكان لا فرق بين خبر من زعم أنّ الصّانع واحد وبين من قال اثنان أو ثلاثة، على أنّ الخبر إنّما يضطر إذا كان المخبر يخبر عن مشاهدة، لأنه لا يجوز أن يكون حال المخبر يعلم ضرورة ومن الخبر ما يعلم من طريق الاستدلال، كخبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز أن يعلم الله من هذه الجهة، لأنّ القائل بهذا القول أحد رجلين، إمّا أن يقول لا يعلم الله إلا من جهة الخبر، فيلزمه أن يكون النبي لا يعرف الله إلّا بنبي آخر وذلك يوجب التّسلسل إلى ما لا نهاية، وإمّا أن يقول: إنه يعلم من جهة النبي ومن جهة أخرى أيضا، وهذا فاسد لأنه ليس في النبيّ أكثر من إظهار المعجزات والمعجزات لا تدل على حكمة فاعلها، فكيف يكون خبر النبي طريقا إلى العلم بالله وإذ قد ذكرنا وجوب معرفة الله تعالى والطريق إليه هاهنا، وممّا تقدّم فإنّنا ننكر الكلام على الملحدة والمتحيرين.
فصل [في بيان أنواع الضّلال]
اعلم أنّ أنواع الضّلال ثلاثة: المعاندة والحيرة والجهالة.
فالمعاندة على الإطلاق ينبغي أن لا يحصل لأحد منّا علم حقيقي ولا معرفة تفضي إلى يقين، وإنما هي ظنون وخواطر لا تسكن النّفس إليها، وتسميتنا لها ولأمثالها بالعلوم توسع ومجاز. والوجه في مدافعتهم أن يقال لهم: أتقولون ما ذكرتم عن خلوص علم، أو تسلط ظن؟ فإن ادّعوا العلم فقد ناقضوا، وإلّا حصلوا على عناد، وقد ذكر أبو عثمان الجاحظ في الكفار الذين قتلهم النبي صلى الله عليه وسلم أنّهم كانوا عارفين بالله معاندين.
واعترض عليه فقيل: إنّ العناد يجوز على العدد اليسير، فأمّا الجماعة الكثيرة فلا يصح عليها ذلك، ونحن نعلم من أنفسنا وقد كنا على مذاهب فتركناها لفسادها أنّا لم نكن في حال اعتقادنا معاندين ولا كاذبين لأنفسنا، وإنّما تركنا الاستدلال، فكذلك أولئك الكفار قد علموا فيما أظهره النبي صلى الله عليه وسلم أنها معجزات، لكنهم تركوا الاستدلال بها على ثبوته وصدقه.
والمتحيرون هم الذين يزعمون أنّ العلم بالمحسوسات قد يصح، ولكن ما عداها مما يحال فيه على العقل نحن شاكون فيه ومتوقفون، والكلام عليهم طريقه أن تقلب عليهم نفس ما أوردوه فيقال: تدفعون مقتضيات العقول بالمشاهدات أو بحجج العقول ولا فلاح لهم أي الطّريقين سلكوا.

نام کتاب : الأزمنة والأمكنة نویسنده : المرزوقي    جلد : 1  صفحه : 108
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست