بعد هذا انتقل المصنف رحمه الله إلى بابٍ جديدٍ وهو باب الأفعال، فقال (الأفعالُ ثلاثة: ماضٍ، ومُضارعٌ، وأمر، نحو: ضَرَبَ، ويَضرِبُ، واضرِبْ) ، وقد سبق أن ذكرنا لكم يا أيها الأحباب أن الكلام أو الكلمة أو الكلم ثلاثة أقسام، إما اسم، وقد ذكرنا لكم علاماته وانتهينا منه، وإما فعل، وذكرنا لكم أيضًا علامة الفعل الماضي وعلامة الفعل المضارع وعلامة فعل الأمر، ولسنا بحاجة إلى إعادتها، والنوع الثالث وهي الحروف وأنها لا علامة لها، وإنما يُجرب عليها علامات الأفعال وعلامات الأسماء فإن قبلتها فهي واحدٌ منهما وإن لم تقبل فهي حرفٌ.
فعندنا الفعل الماضي "ضرب" والفعل المضارع "يضرب" وفعل الأمر "اضرب"، وعلى كل حال فهذا حديثه في باب الأفعال.
قال المصنف رحمنا الله وإياه (فالماضي مفتوحُ الآخر أبدا) ، هنا الآن بدأ يتحدث في تفصيلات أحكام الأفعال، أيها الإخوة إن الأصل في الأفعال أن تكون مبنية، وإن كان صاحبنا هنا سيذكر أن فعل الأمر مُعربٌ وليس مبنيًّا لأنه حكم عليه بأنه مجزومٌ دائمًا، وهذا رأيُ الكوفيين واتبعه لأنه كثيرًا ما يتبع آراء الكوفيين، لكننا نرى أن الأصل في الأفعال أنها مبنية، لذلك الفعل الماضي عند الجميع مبنيٌّ، والفعل المضارع مُعربٌ عند الجميع ما لم يتصل به نون التوكيد أو تتصل به نون النسوة، وفعل الأمر الصحيح أو الأقوى فيه أنه مبنيٌّ، وإن كان صاحبنا كما سيذكر بعد قليل أنه مُعرب، ولكنه قال هو مجزومٌ أبدًا، وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.