الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.
أيها الأخوة الكرام، أيها المشاهدون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كنا في حلقة ماضية أردنا الشروع في الاستثناء المفرغ أو المراد به ولكن أدركنا الوقت وأجلناه إلى حلقة أخرى وهاهو وقت بيانه فالاستثناء المفرغ يا أيها الأحباب هو الذي لم يذكر فيه المستثنى منه فما حكمه؟
حكمه كأن إلا غير موجودة في الكلام فتعرب ما بعدها بما يستحق ولو كانت غير موجودة قال الله عزّ وجلّ ? وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ? [آل عمران:144] تعرب ما نافية محمد مبتدأ رسول خبر وإلا أداة الاستثناء ملغاه إلا أداة استثناء ملغاة هذا إذا كام الكلام مفرغاً، إذا كان الكلام استثناء، تاماً منقطعاً فقولاً واحداًُ يجب نصب ما بعد الاستثناء قام الطلاب إلا طالبة وحضر الرجال إلا امرأة، هذه لا يجوز فيها فيما بعد إلا غير النصب لا يجوز فيما بعد إلا غير النصب ونذهب الآن إلى بعض ما ذكره المصنف لنكمل شرح باب المستثنى إن شاء الله تعالى. قال المصنف (فَالْمُسْتَثْنَى بِإِلَّا يُنْصَبُ إِذَا كَانَ اَلْكَلَامُ تَامًّا مُوجَبًا) هذا الكلام الذي ذكرناه لكم قبل قليل، قلنا إذا كان الكلام تاماً بأن ذكر فيه المستثنى منه، موجباً يعني لم يتقدم عليه نفي ولا شبه نفي فإنه يجب نصب ما بعد إلا وهذا الكلام الذي ذكره المصنف هنا وهو قوله (نَحْوَ "قَامَ اَلْقَوْمُ إِلَّا زَيْدًا" وَ"خَرَجَ اَلنَّاسُ إِلَّا عَمْرًا") الاستثناء هنا تام لأن المستثنى منه مذكور وهو قوله القوم والاستثناء هنا موجب لأنه لم يسبقه لا نفي ولا شبه نفي فحينئذ نعرب كلمة زيداً على أنها مستثنى منصوب وهنا واجب النصب، وليس فيه وجه آخر.
قال المصنف (وَإِنْ كَانَ اَلْكَلَامُ مَنْفِيًّا) يعني غير موجب (تَامًّا) يعني ذكر فيه المستثنى منه (جَازَ فِيهِ اَلْبَدَلُ وَالنَّصْبُ عَلَى اَلِاسْتِثْنَاءِ) جاز في ماذا؟ في الاسم الواقع بعد إلا يجوز فيه وجهان الإتباع لما قبلها على أنه بدل أو عطف بيان الإتباع لما قبل إلا يعني تعطيه الحركة التي ضبط بها المستثنى منه، ضبط بالضمة تعطيه نفس الحركة ضبط بالفتحة تعطية نفس الحركة نفسها، تضبط بالكسرة تعطيه هذه الحركة نفسها، هذا يجوز فيه وجهان إما الإتباع على أنه بدل أو عطف بيان وإما النصب على الاستثناء وكل فصيح صحيح، وقد ذكرت لكم من أمثلته أو من شواهده قول الله عزّ وجلّ ? مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ ? [النساء: 66] فيها قراءتان قراءة قليلٌ وهذا الوجه الشائع والكثير وهو أن تتبع ما بعد إلا بما قبلها في إعرابها لأن الواو هنا محلها رفع ووردت فيها قراءة عربية صحيحة فصيحة وهي ما فعلوه إلا قليلاً منهم وحينئذ يكون منصوباً على الاستثناء وهو وجه جائز ولكنه أقل من ذاك مثاله كما ذكر المصنف هنا (نَحْوَ "مَا قَامَ اَلْقَوْمُ إِلَّا زَيْدٌ" وَ"إِلَّا زَيْدًا")