الطور الرابع: هو ما يُسمى بطور الترجيح والبسط في التأليف، أيها الأحباب إن عاصمة الخلافة انتقلت إلى بغداد، واتجه العلماء وغير العلماء إلى بغداد، فأصبح من يُشار إليهم بالبنان في هذه العاصمة عاصمة الخلافة الإسلامية في بغداد، وليس كل هذا العصر وهو عصر البسط في التأليف والترجيح بغداديٌّ، بل هو يمتد إلى ثلاثة قرون أو أكثر، وصار يشمل مناطق متعددة، فصار موجودًا في بغداد، وفي الشام، وفي مصر، وفي الأندلس، طبعًا نحن نتحدث عن التأليف في هذا العلم، وصار المؤلفون هنا لا يأتون بقواعد جديدة كثيرة اعتمادًا منهم على القواعد السابقة، لأن القواعد السابقة مبنيّةٌ على ما سُمع من كلام الله عزّ وجلّ أولا، ما عُرف ما حُفظ من كتاب الله على ما ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان بعضهم يتردد في الاستشهاد بالحديث نظرًا لإجازة روايته المعنى، مع أننا نرى أن الاستشهاد بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُقدم عليه شيءٌ إلا القرآن الكريم.
لكن يجب أن يكون ثابتًا أن هذا كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى لو قالوا إن من الأشياء التي يمكن أن يرد بها الاستشهاد بالحديث أن دخول الأعاجم في سند الحديث ربما كان سببًا فيمكن أن يُجاب على كل النقاط الذي ذكرت، هم ذكروا أربع نقاط رئيسية في سبب عدم الاستشهاد بالحديث:
أولها: إجازة روايتها بالمعنى، وهذا أقوى دليلٌ عندهم.
الثاني: دخول الأعاجم في سنده، يعني في سند الحديث.
الثالث: دخول ما يُسمى بالإدراج، يعني ألا يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما يكون من كلام الراوي الذي روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الدليل الرابع: وجود أحاديث موضوعة وضعيفة، فيقولون هذه الأحاديث الموضوعة لا يمكن أن نستشهد بها لأنها ليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.