ثم قال " ورغبةٌ في الخير خبرٌ"، "رغبةٌ" هذه نكرة، وقد ابتدئ بها، ذلك لأنها عملت، والعمل هنا هو تعلق الجار والمجرور بها، فهذا الذي جوّز الابتداء بها، والأخير قوله "وعملُ برٍّ يزين"، "عمل" هذه نكرة، وأُضيفت إلى نكرة، فالإضافة هذه سوّغت الابتداء بها، طبعًا لو أُضيفت إلى معرفة فلا إشكال لأنها تكتسب التعريف من المضاف إليه، أما هنا فقد أضيفت إلى نكرة فقل شيوعها قليلا، فكان هذا مسوغًا للابتداء بالنكرة، هذه المسوغات نكتفي بها، وإن كان بعضهم يُكثر في ذكر مسوغات الابتداء بالنكرة فيوصلها إلى أكثر من ثلاثين مسوغًا.
ننتقل إلى قول المصنف رحمنا الله وإيّاه (بَابُ اَلْعَوَامِلِ اَلدَّاخِلَةِ عَلَى اَلْمُبْتَدَأِ
وَالْخَبَرِ) ، تعلمون كما ذكرنا أن المبتدأ والخبر حقهما أن يكونا مرفوعين، لكن قد يتغير هذا الحكم، بل
يتغير حكم المبتدأ والخبر فلا يصيران مبتدءًا وخبرًا، وذلك إذا دخل عليهما بعض الأدوات التي سنذكرها الآن إن شاء الله، فقال (بَابُ اَلْعَوَامِلِ اَلدَّاخِلَةِ عَلَى اَلْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ) ، ثم قال (وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ كَانَ وَأَخَوَاتُهَا وَإِنَّ وَأَخَوَاتُهَا وَظَنَّ وَأَخَوَاتُهَا) ، هذه العوامل بعضها يرفع المبتدأ وينصب الخبر وهي كان وأخواتها، وبعضها يعكس فينصب المبتدأ ويرفع الخبر وهو إن وأخواتها، وبعضها ينصب الاثنين وهما المبتدأ والخبر فيجعلهما مفعولين وهي ظن وأخواتها.