ولكن شيءٌ آخر ننبه عليه وهو أن بعضهم يقول لا يوجد ترادف لا في اللغة ولا في القرآن ولا في الشعر ولا في غيره، لم؟ قالوا كل لفظٍ له معنًى خاص به، فمثلا إذا قلت إن السيف يُطلق عليه اسم الفيصل، قال لأنه يفصل في القضايا لقوة من يستعمله، يُسمى حسامًا، يقول لا، هذا لا يُسمى حسامًا إلا إذا كان له كذا وكذا، مُهند، لا يُسمى مهندًا إلا إذا كان منسوبًا إلى الهند، وهكذا، فإذًا بعضهم ينفي وجود الترادف في اللغة، ويقول لا يوجد ترادفٌ في اللغة وإنما كل لفظٍ خاصٌ بالمعنى الذي أُطلق عليه، فهذا هو ثامن خصائص هذه اللغة.
من خصائصها التي يذكرها المؤرخون أيضًا أنها لا توجد في غيرها ما يُسمَّى بالإيجاز، المعنى الكبير تؤديه بألفاظٍ قليلة، ويقول بعضهم حينما عرّف البلاغة: البلاغة هي الإيجاز، وكتب بعضهم رسالةً مطوَّلةً جدًا ثم اعتذر في آخرها فقال: يؤسفني يا أخي أنه ليس عندي وقت للإيجاز، معنى هذا أن الإيجاز أصعب من الإطناب، وهذه خاصية اختصت بها هذه اللغة.
من خصائصها وهي الخاصية العاشرة أن مفرداتها غنية جدًا ويمكن زيادتها عن طريق الاشتقاق والتوليد إلى ما لا نهاية، مثلا نأخذ الجذر "سَلِمَ"، سَلِمَ معناها نجى، و"سَلَّمَ" –اختلفت الصيغة بمجرد زيادة حرف- معناها ألقى التحية، و"سالم" دخل في السلم، و"أسلم" انقاد، و"الإسلام" الخضوع لله، و"تَسَلَّمَ" أخذ شيئًا، و"استلم" لمس الحجر الأسود بالشفة أو باليد، وهناك "مُسلم" و"مُتسلِّم" و"مُسالم" وإلى آخره، صيغٌ كثيرةٌ وكل صيغة لها معنى جديد.