الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، اللهم صلي وسلم وبارك على من أرسلته رحمةً للعالمين، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحابته أجمعين.
أيها الإخوة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نواصل الحديث في شرح ما يتيسر من الآجرومية، وقد وصلنا إلى حديث المصنف رحمه الله عن نواصب الفعل المضارع، ومثلنا بكلمة "أنْ" و"لنْ"، وذكرنا شروط "إذًا" وما يتعلق بها، ومثلنا لها أيضًا.
قال المصنف (وكي) ، "كي" حرفٌ يدل على التعليل، وهو ينصب الفعل المضارع لكن بشرط أن تكون "كي" هذه مصدرية، ما معنى كونها مصدرية؟ قال تؤول مع ما بعدها بمصدر، فإن لم تكن مصدريةًً كأن كانت تعليلية فإنها لا تنصب الفعل المضارع، تقول "جئتُ لكي أتعلم"، و"جئتُ كي أن أتعلم"، و"جئتُ لكي أن أتعلم"، و"جئت كي أتعلم"، بعضها ينصب الفعل المضارع، وبعضها لا ينصب الفعل المضارع، الفعل المضارع منصوبٌ في الأحوال كلها، لكن ما الذي نصبه سننظر إن شاء الله؟ أما قولك "جئت لكي أتعلم" فكي هنا مصدرية لأن تأويل الكلام "جئتُ للتعلم" فهي الناصبة للفعل المضارع، أما قولك "جئت كي أن أتعلم" ففي هاتين الصورتين ليست هي الناصبة للفعل المضارع، الناصب في قولك "جئتُ كي لأتعلم" أو "كي أن أتعلم" ففي هاتين الصورتين ليست هي الناصبة للفعل المضارع، الناصب في قولك "كي لأتعلم" هو "أنْ" المضمرة، والناصب في قولك "كي أن أتعلم" هو "أنْ" الظاهرة هذه، وليست "كي" لأنها تعليلية ولا تنصب الفعل المضارع.
هناك صورتان يُحتمل أنها هي الناصبة ويُحتمل أنها غير الناصبة، الصورتان هما ألا تسبقها اللام ولا تتلوها أن كقولك "جئتُ كي أتعلم"، هنا يجوز أن تكون مصدرية فتكون هي الناصبة، ويجوز أن تكون تعليلية فيكون الناصب هو "أنْ" مقدرة بعدها.
الصورة الخامسة هي أن تسبقها اللام وتتلوها "أنْ"، في هذه الصورة يجوز لك أن تجعلها هي الناصبة، ويجوز لك أن تجعلها غير ناصبةٍ، وذلك كقولك "جئتُ لكي أن أتعلم"، صحيح أن استعمال هذا قليل، لكنه لو ورد فأنت حينئذٍ تعربه بهذا الإعراب، لك أن تجعلها هي الناصبة، ولك أن تجعل الناصب هو "أنْ" المذكورة بعدها، والأولى أن يكون الناصب هو "أنْ" وليست "كي" هي التي نصبت الفعل المضارع.