الذي عندي أن الحكم بامتناع الواو أو جوازها بعد إلا إذا تلاها فعل ماض، مرهون باستعمال الفصحاء، فهل جاء في كلامهم اقتران الواو بالفعل الماضي بعد الا.
أقول قد ورد ذلك فيما أُثر عن الفصحاء مورداً متعالماً، ومن ذلك ما جاء في نهج البلاغة، إذ قال:
ووأى على نفسه ألا يضطرب شبح مما أولج فيه الروح إلا وجعل الحمام موعده والفناء غايته (2 /92 و93) . والوأي هو الوعد والحمام هو الموت. وقال:
ولم يترك شيئاً رضيه أو كرهه إلى وجعل له عَلَماً بادياً وآية محكمة (2 /133) ، وقال:
ما من أحد أودع قلباً سروراً إلا وخلق الله له من ذلك السرور لطفاً (3 /210) ونحو ذلك كثير في نهج البلاغة.
ومما جاء من ذلك في كتاب (أخلاق الوزيرين) لأبي حيان التوحيدي، قال:
وما رأَّس الله أحداً إلا وفرض عليه الافضال والإحسان (ص /265) وقال:
وما رأيت أحداً سكت عن أحد من سفائهم تغافلا عنه.. إلا ورأيته يقول ويطنب في ابن عباد غير خاشٍ ولا متحاشٍ (ص /474) .
فصح بذلك قولك في المثال السابق: (ما من أحد وجزع) باقتران (الواو) بالفعل الماضي.
اقتران واو الحال بعد بعد إلا إذا تلاها فعل ماض:
قد جاء مما تمتنع فيه الواو وقد منفردين ومجتمعين ويكتفي بالضمير أن تقع الجملة الحالية الفعلية بعد إلا ويتصدرها فعل ماض، كقوله تعالى: ?ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون –يس /30?. وجاء في شرح الأشموني (3 /22) أن (قد) تمنع مع الماضي الممتنع ربطه بالواو وهو تالي الا، وندر قوله:
لنفسي إلا قد قضيت قضاءها
متى يأت هذا الموت لم يُلف حاجة
لكنه جاء في حاشية الصبان: "في شرح الرضي أنهما يجتمعان بعد الا نحو: ما لقيته إلا وقد أكرمني –3 /22". فما الرأي في ذلك؟
أقول جاء في كلام الفصحاء اقتران الواو بقد بعد (الا) قبل الفعل الماضي، كما جاء انفرادها بالفعل الماضي على ما تقدم. ومن شواهد اقتران الواو بقد قبل الفعل الماضي التالي لـ (الا) ، ما جاء في نهج البلاغة، قال: