الشرط والقسَم وواو الحَال عند النحَاة وفي كلام البُلَغاء
هاتان مسألتان يشكل بحثهما على الكتاب ويلتبس فيهما الحكم: تحقيق الجواب عند اجتماع الشرط والقسم، وواو الحال متى تجب أو تجوز أو تمتنع. وقد يُعضل الأمر في تبين وجه الصواب في المسألتين عند اعتراضهما كتابة الكاتب. وهذا ما دعاني إلى معالجتهما والتلطف لهما والاهتمام بطلبهما لعلّي ألتمس إليهما مساغاً وأبتغي سبيلاً، فأوضح المبهم وأجلوا الغامض وأبسط الموجز فأخفف الكلفة في فهم ما تصعب منهما ليتسنى ما تعذر ويستيسر ما تعسر.
ولا شك أنه لا يكفي في تبين وجه الصواب ومعرفة المباح في ذلك والمحظور، والجائز والممتنع، أن يُحتكم في الأمر إلى أقوال النحاة وعلماء اللغة وحدهم بل لا بد من مراجعة كلام الفصحاء نثراً وشعراً، والإطلاع على أنماط تعبيرهم وأساليب تأليفهم والاسترشاد بمناهجهم وطرائقهم، تحرياً للرأي الراجح من آراء أئمة اللغة ودرءاً لما يمكن أن يعترضنا في ذلك من شبهة أو يخامرنا من ريب. وهذا ما يفوت النقاد أن يوطنّوا النفس عليه ويستمسكوا به، في غالب الأحيان، فلا ينصرفوا عنه أو ينثنوا عن قصده وطلبه.
الشرط والقسم:
الشرط ما يتوقف عليه المشرط، وما يسميه النحاة شرطاً هو في المعنى سبب لوجود الجزاء، وتدخل على الشرط أداة مخصومة دالة على سببيته للجزاء، كما جاء في كليات أبي البقاء الكفوي. ومن ثم كان للشرط جملتان جملة للشرط وأخرى للجزاء أو الجواب، وهما بمنزلة الجملة الواحدة وجاء في حاشية الإمام حسن العطار على شرح الأزهرية في علم النحو للشيخ خالد الأزهري: "وأما وجه تسميته جواباً فلأنه لما لزم عن الأول صار كالجواب الآتي بعد كلام السائل، وأما وجه تسميته جزاء فلأنه لما كان مترتباً على ما قبله أشبه الجزاء على الفعل من ثواب أو عقارب ... ص/ 177".