أما أن أقلام الفصحاء قد جرت به، فذلك قول أبي زيد البلخي، على ما حكاه الفيروز أبادي، في ديباجة القاموس. قال الفيروز أبادي في ديباجة القاموس. قال صاحب القاموس: (على أني ذاهب إلى ما قاله أبو زيد أحمد بن سهل البلخي: إذا جاوزت المشاهير من الأفعال التي يأتي ماضيها على فعل..) . قال الزبيدي في تعليقه على هذا: (المشاهير جمع مشهور، وهو المعروف المتداول) . فأنت ترى أنه أقر الجمع وشرح معناه، وهو الذي اعتاد أن يستدرك على المؤلف بزيادة أو تنقيح كلما دعت الحاجة. ويجري هذا المجرى قول الراغب في محاضرات الأدباء (2/157) : (مشاهير السيوف) . وفي طريقته قول الأزهري صاحب التهذيب على ما حكاه ابن منظور في اللسان (قال الأزهري: وهذا تصحيف كتصحيف يوم بعث. وهو من مشاهير أيام العرب، فأخرجه في الغبن وصحفه) . وهذا قول الزمخشري في كشافه (2/94) حول تفسير قوله تعالى: (الله نور السموات والأرض، مَثَلَ نوره كمشكاة فيها مصباحٌ، المصباح في زجاجة، الزجاجة كأنها كوكب دريّ ((النور/ 35) ، قال الزمخشري: (شبهه في زهرته بأحد الدراري من الكواكب، وهي المشاهير، كالمشتري والزهرة والمريخ وسهيل ونحوها) . وانظر إلى ما جاء في المصباح (ونجس خلاف طهر، ومشاهير الكتب ساكنة عن ذلك) .
والذي يتبين مما ذكر أنه (المشاهير) قد جرى على ألسنة الفصحاء، ولكن لغير الآدميين. وقد اعتمد الأستاذ محمد العدناني مثل هذه النقول في إثبات جمع مشهور على مشاهير للآدميين، فهل نقل هذا أيضاً؟. الصحيح أن الفصحاء قد قالوا المشاهير وصفاً للعقلاء: قال المرزوقي في شرحه الحماسة (1/771) : (وإنما يصفهم بأنهم مشاهير بحسن البلاء، ومتميزون عن الفرسان إذا حضروا الوقعات بعلاماتهم ومعارضهم التي عرفوا بها وفيها.. كأنهم النجوم في المناظر والقلوب) . وقال ابن سيده في المخصص: (وعوران العرب: مشاهير عورهم كالشماخ بن ضرار وغيره – 1/103) .