نام کتاب : النحو الوافي (ط دار المعارف) نویسنده : عباس حسن جلد : 1 صفحه : 73
فنحن نرى أن الدواعي تغيرت فى الجمل الثلاثة السالفة على حسب المعاني المطلوبة، من فاعلية، ومفعولية، وتكملة أخرى للفعل ... وتبعها فى كل حالة تَغَيُّرُ العلامة التى فى آخر كلمة: "الهلال". فَتَغَير العلامة على الوجه السالف يسمى: "الإعراب"، والداعي الذي أوجده يسمى: "العامل"[1]. [1] كثر الكلام- قديمًا وحديثًا- على العامل، وعلى ما له من أثر سيء في النحو العربي، وفي الأساليب، وصياغتها، وفهمها. ولم تر بين المتكلمين من راعي جانب الاعتدال والإنصاف.
وأقوى ما وجهوه إلى العامل من طعن أمران: أولهما: أن النحاة نسبوا العمل إليه، فجعلوه هو الذي يرفع، أو ينصب، أو يجر، أو يجزم، مع أنه قد يكون سببا في خفاء المعنى- في زعمهم - أو تعقيده. وكيف ينسب إليه العمل وهو لا يعمل شيئا، وإنما الذي يعمل هو: المتكلم؟
ثانيهما: أن النحاة - وقد قصروا عليه العمل وحده- بحثوا عنه في بعض التراكيب العربية الصحيحة فلم يجدوه، فاضطروا أن يقدروه، وأن يفترضوا وجوده، ويتكلفوا، ويتعسفوا.
والحق أن النحاة أبرياء مما اتهموا به، بل أذكياء، بارعون فيما قرروه بشأن: "نظرية العامل"، فقد قامت على أساس يوافق خير أسس التربية الحديثة لتعليم اللغة، وضبط قواعدها، وتيسير استعمالها. ونسوق لهذا مثلا يوضحه، ويزيد الأمثلة إيضاحا: "أكرم محمود الضيف" فمحمود في هذه الجملة ينسب إليه شيء. وكذلك "الضيف" فما الذي ينسب إلى كل منهما؟
1- ينسب إلى محمود أنه فعل الكرم، فهو فاعل الكرم. فبدلا من أن نقول: ينسب إلى محمود أنه فعل شيئا، هو: الكرم، أو: ينسب إلى محمود أنه فاعل الكرم- حذفنا هذه الكلمات الكثيرة واستغنينا عنها برمز صغير- اصطلح عليه النحاة - يرشد إليها، ويدل عليها، ذلك الرمز هو: "الضمة" التي في آخر كلمة: "محمود". فهذه الضمة على صغرها تدل على ما تدل عليه تلك الكلمات المحذوفة الكثيرة. وهذه مقدرة وبراعة أدت إلى ادخار الوقت والجهد باستعمال ذلك الرمز الاصطلاحي الذي دل على المعنى المطلوب بأخصر إشارة. كما سيجيء رقم 1 من هامش ص 75.
لكن كيف عرفنا- في التركيب السابق- أن محمودا" فعل شيئا، أي: أنه فاعل؟ عرفنا ذلك من كلمة قبله هي: "أكرم" ويسميها النحاة: "فعلا" ولا يمكن أن يوجد الفعل بنفسه. فوجود الفعل دل على وجود الفاعل، ووجود الفاعل يقتضي أن نعلنه، ونذيع أنه الفاعل. وطريقة الإذاعة قد تكون بكلمات كثيرة، أو قليلة، أو برمز يغني عن هذه وتلك، كالضمة التي اختارها النحاة واصطلحوا على أنها الرمز الدال، على الفاعلية ... وعلى هذا يكون الفعل هو السبب في الاهتداء أولا إلى الفاعل، وإلى الكشف عنه، ثم إلى وضع الرمز الصغير في آخره، ليكون إعلانا على أنه الفاعل، وشارة دالة عليه. فالفعل هو السبب أيضا في ذلك الرمز وفي اجتلابه والإتيان به، فليس غريبا أن يقول النحاة، "إن الفعل هو الذي عمل الرفع في الفاعل" لأنه السبب في مجيئه، ويسمونه من أجل ذلك: "عاملا".
ب- مثل هذا يقال في كلمة: "الضيف" فقد نسب إليه شيء- كما سبق- فما ذلك الشيء المنسوب إليه؟ هو أنه وقع عليه كرم، أو حصل له شيء، هو: "الكرم". وقد حذفنا هذه الكلمة الكثيرة، واستغنينا عنها برمز اصطلح عليه النحاة، يرشد إليها، ويدل عليها، هو الفتحة في آخر: "الضيف"، =
نام کتاب : النحو الوافي (ط دار المعارف) نویسنده : عباس حسن جلد : 1 صفحه : 73