من خلال هذا البحث أوضحت قواعد النصب على التقريب عند الكوفيين من مؤلفاتهم: تعريفه، وشروط إعماله عندهم، وموانعه، وأحكامه، والفرق بينه وبين الحال في مذهبهم، ثم الفرق بين الحال والقطع عندهم، وما يعمل وما لا يعمل من أسماء الإشارة، وتتبَّعت القرآن أستنبط منه الشواهد فتحقق لي منه والحمد لله ما لم أسبق إليه، وكذلك من كلام العرب المبثوث في المصادر الموثوق بها، ثم عرّجت على كتب البصريين أستقرئها، وأُوازن بينها وبين ما عند الكوفيين فأبرزت السبب المانع الذي جعل البصريين لا يقرّون بالتقريب ولا يقولون به رغم جعجعة ثعلب واتهامه سيبويه بأنه لا يعرف التقريب عندما يقول: "قال سيبويه: هذا زيد منطلقاً فأراد أن يخبر عن هذا بالانطلاق ولا يخبر عن زيد، ولكنه ذكر زيداً ليُعْلَمَ لمن الفعل. قال أبو العباس: وهذا لا يكون إلا تقريباً وهو لا يعرف التقريب"[1].
وذاك السبب هو الذي جعل القول بإعمال التقريب يموت وليداً؛ حتى إنَّ ابن شقير البغدادي تلميذ ثعلب لا يذكر التقريب في كتابه "المُحلَّى وجوه النصب"، بل يعده حالاً كما يقول البصريون، لا خبراً لاسم الإشارة كما يقول الكوفيون، وإن كان يستعمل مصطلح "قطع" بدل حال والقطع مصطلح كوفي يقابله عند البصريين الحال.
وقد جعلت البحث في فصلين:
الفصل الأول: التقريب عند الكوفيين
وتحته مباحث:
المبحث الأول: تعريفه.
المبحث الثاني: شروط إعماله. [1] مجالس ثعلب: 43.