إن أبا عثمان قدوة وحجة، وقد أخذ عن جملة أهل العلم كأبي زيد وأبي عبيدة والأصمعي وأبي عمر الجرمي وأبي الحسن الأخفش وغيرهم، ممن هو في هذه الطبقة، مع ما كان عليه من التوقف والتحري والعفاف.
وكم كنا نود للمازني أن يتحرج عن الطعن في القراء، فلا يضمن كتابه شيئا منه، حتى يتلاءم مع ما كان عليه من التوقف والتحري والعفاف، ولكنه أسهم في هذه الحملة الآثمة، قال في كتابه ج1 ص 107:
فأما قراءة من قرأ من أهل المدينة "معائش" بالهمز فهي خطأ فلا يلتفت إليها، وإنما أخذت عن نافع بن أبي نعيم ولم يكن يدري ما العربية، وله أحرف يقرؤها لحنا نحوا من هذا "ونافع قارئ المدينة ومن القراء السبعة".
ولم يقنع المازني بهذا القدر، وإنما سولت له نفسه أن يختم كتابه بالطعن على القراء، في أنهم يتعلقون بالألفاظ ويجهلون المعاني، قال في ج3 ص340, 341:
قال أبو عثمان: والتصريف إنما ينبغي أن ينظر فيه من قد نقب في العربية، فإن فيه إشكالًا وصعوبة على من ركبه، غير ناظر في غيره من النحو، وإنما هو والإدغام والإمالة فضل من فضول العربية، وأكثر من يسأل عن الإدغام والإمالة القراء للقرآن، فيصعب عليهم لأنهم لم يعملوا أنفسهم فيما هو دونه من العربية، فربما سأل الرجل منهم عن المسألة قد سأل عنها بعض العلماء فكتب لفظه، فإن أجابه غير ذلك العالم بمعناه وخالف لفظه كان عنده مخطئًا، فلا يلتفت إلى قوله أخطأت، فإنما يحمله على ذلك جهله بالمعاني وتعلقه بالألفاظ.