نام کتاب : المدارس النحوية نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 46
واضح في المعنى، فأجابه بأن "غير" منصوبة بأعبد، وتأمروني غير عامل فيها، كقولك: هو يقول: ذاك بلغني، فبلغني لغو، وكذلك تأمروني، وكأنه قال: فيما تأمروني[1]. وسأله سيبويه عن قول الأعشى:
إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا ... أو تنزلون فإنا معشر نزل
لماذا رفع "أو تنزلون" وهي معطوفة على فعل مجزوم، فقال: كأنه توهم أنه قال في أول البيت: أتركبون فرفع، بالضبط كما جاء عند زهير من قوله:
بدا لي أني لست مدركَ ما مضى ... ولا سابقٍ شيئًا إذا كان جائيا
فقد عطف "سابق" بالجر على مدرك المنصوبة، كأنه توهم أن "مدرك" مجرورة؛ لأنه يكثر أن يأتي خبر ليس مجرورا بباء زائدة[2]. وحمل على هذا الباب وقوع الفعل المجزوم في الآية الكريمة: {لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} فإن معنى لولا أخرتني فأصدق، وإن أخرتني أصدق، واحد[3]؛ ولذلك عطف الفعل بالجزم وكأنما سبقته أداة جازمة. [1] الكتاب [1]/ 452. [2] الكتاب [1]/ 429. [3] الكتاب [1]/ 452.
4- السماع والتعليل والقياس:
اعتمد الخليل في تأصيله لقواعد النحو وإقامة بنيانه على السماع والتعليل والقياس، والسماع عنده إنما يعني نبعين كبيرين؛ نبع النقل عن القراء للذكر الحكيم وكان هو نفسه من قرائه وحَمَلته، ونبع الأخذ عن أفواه العرب الخلص الذين يوثق بفصاحتهم، ومن أجل ذلك رحل إلى مواطنهم في الجزيرة يحدثهم ويشافههم ويأخذ عنهم الشعر واللغة، ويروى أن الكسائي سأله وقد بهره كثرة ما يحفظ: من أين أخذت علمك هذا؟ فأجابه: من بوادي الحجاز ونجد وتهامة[1]. [1] إنباه الرواة 2/ 258.
نام کتاب : المدارس النحوية نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 46