نام کتاب : المدارس النحوية نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 43
فمن تحليله للعبارات تحليله لصيغة التعجب في مثل: "ما أحسن عبد الله", فقد ذكر أنه بمنزلة قولك: شيء أحسن عبد الله ودخل ما معنى التعجب، ويقول: إنه تمثيل ولم يتكلم العرب به[1]، ومن ثم قال النحاة: إن ما نكرة تامة بمعنى شيء وأعربوها مبتدأ، والجملة بعدها خبر. ومن ذلك قولهم: "هذا القول لا قولك" بنصب "قولك", فقد جعلها مفعولا مطلقا على الرغم من أنها مضافة وقابل بينها وبين قولهم في الاستفهام: "أجِدَّك لا تفعل كذا وكذا" يقول: كأنه قال: "أحقا لا تفعل كذا وكذا" وأصله من الجد، كأنه قال: "أجِدَّا" ويقول: إن عبارة جدك لا تتصرف ولا تفارق الإضافة، إذ هي في حكم الأمثال، مثلها: "لا قولك", فإنهم لو قالوا: "هذا القول لا قولا" لم يكن في هذا بيان؛ لأنه ليس كل قول باطلا، ومن أجل ذلك كان لا بد أن يحققوا القول عن طريق الإضافة إلى المخاطب[2]. ومن ذلك تحليله للفظة "اللهم" في النداء، فقد كان يقول: إن الميم في آخرها بدل من يا[3] ولذلك لا يجمع بينهما. وكان لا يبارَى في تحليله للأدوات المبهمة وبيان اختلاف معانيها باختلاف مواقعها من الكلام، من ذلك ما قاله سيبويه من أنه سأله عن قول العرب: "أما إنه ذاهب وأما أنه منطلق" بكسر إن وفتحها في العبارتين، فقال: إذا قال القائل: "أما أنه منطلق" بالفتح فقد جعله كقولهم: "حقا أنه منطلق" ومعروف أن حقا مفعول مطلق وأنه منطلق فاعل مؤول. وقال الخليل: أما إذا قال القائل: "أما إنه منطلق" بالكسر فإنه بمنزلة قولهم: "ألا إنه منطلق"[4]. وكان يسعفه في مثل هذا التحليل معرفته الواسعة بلغات العرب وحسه الدقيق في معرفة مواقع الكلام، من ذلك أن سيبويه سأله عن قوله عز وجل: "وما يشعركم إِنَّهَا إذا جاءت لا يؤمنون" في قراءة من قرأ "إنها" بالكسر، فقال: ما منعها أن تكون كقولك: "ما يدريك أنه لا يفعل" فقال الخليل: لا يحسن ذلك في هذا الموضع، إنما قال عز وجل: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ} ثم ابتدأ فأوجب، فقال: "إِنَّهَا إذا جاءت لا يؤمنون" ولو قال: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا} بالفتح كان ذلك عذرا لهم. ولكن بعض القراء قرأها بالفتح، وذكر له [1] الكتاب 1/ 37. [2] الكتاب 1/ 189. [3] الكتاب 1/ 310. [4] الكتاب 1/ 462.
نام کتاب : المدارس النحوية نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 43