نام کتاب : المدارس النحوية نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 40
للمفعول كثيرة، منها ما يجوز فيه الحذف والإضمار لقيام القرينة، ومنه عنده قول الشاعر:
ألا رجلا جزاه الله خيرا ... يدل على محصلة تبيت1
إذ جعل تقديره: ألا ترونني رجلا هذه صفته، فحذف الفعل مدلولا عليه بالمعنى[2]. وقد يحذف وجوبا على نحو ما هو معروف في التحذير والاختصاص ويجعل من مواضعه المدح كما في الاختصاص، وكذلك الذم، إذ نراه يعرض للآية الكريمة: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} فقد جاءت كلمة {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ} بالنصب، ولو كانت معطوفة على ما قبلها لكان حقها الرفع، ويقول الخليل: إنها منصوبة بفعل محذوف قصدا للثناء والتعظيم, كأنه قيل: اذكر أهل ذاك واذكر المقيمين، ويقول: وهذا شبيه بقولهم "أي: في الاختصاص": إنا بني فلان نفعل كذا؛ لأنهم لا يريدون أن يخبروا من لا يدري بأنهم من بني فلان وإنما يذكرون ذلك افتخارا، ويعلق على قول أمية بن أبي عائذ:
ويأوي إلى نسوة عطل ... وشعثا مراضيع مثل السعالى
فيقول: إنه نصب شعثا بإضمار فعل لا يصح إظهاره؛ لأن ما قبله دل عليه، فوجب حذفه على ما يجري عليه تعبيرهم في الذم والمدح[3]. ويقف بإزاء الآية الكريمة: {انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ} ويقول: إن خيرا مفعول به لفعل محذوف وجوبا لجريان التعبير مجرى المثل، كأنه قيل: ائتوا خيرا لكم، ويستطرد لقول القائل: "انتهِ يا فلان أمرا قاصدا", ويقولون: إن أمرا مفعول به لفعل محذوف على تقدير: وأت أمرا قاصدا[4]. وعلى نحو ما يُحذف الفعل مع المفعول, يحذف مع المصادر كثيرا مثل: مرحبا وأهلا, كأنه بدل من: رحبت بلادك وأهلت، وحين مثل بذلك قال: إنه بمنزلة رجل رأيته سدّد سهما فقلت: القرطاس أي: أصبت القرطاس[5].
1 محصلة هنا: تحصل الخير لصاحبها. [2] الكتاب 1/ 359. [3] الكتاب 1/ 249 وما بعدها. [4] الكتاب 1/ 143. [5] الكتاب 1/ 148.
نام کتاب : المدارس النحوية نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 40