نام کتاب : المدارس النحوية نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 175
اتجاها قديما في صدره منذ قعوده للقراءة والتعليم في الكوفة، ورأينا آثاره في مناظرته مع سيبويه، ولكنا نؤمن بأن الأخفش هو الذي دفعه دفعا في هذا الاتجاه، ولم يدفعه وحده، بل دفع معه تلاميذه ومن خلفوهم على المدرسة الكوفية. ونرى الكسائي ينشط لا في تأليف كتب تتصل بالقرآن الكريم وقراءاته ومعانيه فحسب، بل يؤلف أيضا في النحو كتابين هما مختصر النحو وكتاب الحدود في النحو. وألف في أغلاط العامة كتابا سماه "ما تلحن فيه العوام" وهو مطبوع. وما زال يوالي هذا النشاط العلمي حتى خرج مع الرشيد في مسيره إلى خراسان سنة 189 للهجرة واعتل علة شديدة لم يلبث أن توفي منها بقرية رنبويه بالقرب من الري، وتوفي معه الفقيه المشهور محمد بن الحسن الشيباني، فحزن الرشيد عليهما حزنا شديدا، وقال: "دفنا الفقه والنحو بالري".
2- تأسيسه للمدرسة الكوفية:
لا ريب في أن الكسائي يعد إمام مدرسة الكوفة، فهو الذي وضع رسومها ووطّأ منهجها، وفيه يقول أبو الطيب اللغوي: "كان عالم أهل الكوفة وإمامهم، إليه ينتهون بعلمهم، وعليه يعولون في روايتهم" وينبغي أن لا نلتفت إلى ما يقوله أبو حاتم بدافع العصبية للبصرة, إذ يزعم أنه "لم يكن لجميع الكوفيين عالم بالقرآن ولا كلام العرب، ولولا أن الكسائي دنا من الخلفاء فرفعوا من ذكره لم يكن شيئا، وعلمه مختلط بلا حجج ولا علل إلا حكايات عن الأعراب مطروحة؛ لأنه كان يلقنهم ما يريد، وهو على ذلك أعلم الكوفيين بالعربية والقرآن وهو قدوتهم وإليه يرجعون". وكأن أبا حاتم نقض بنهاية كلامه طعنه في الكسائي، وهو قد طعنه في خُلقه وأنه كان يلقن الأعراب ما يريد من نحو شاذ، وهو طعن لا يعبأ به، إذ كان معروفا بالثقة والأمانة والصدق فيما يروى، وعنه حمل معاصروه ومن تلاهم إحدى القراءات السبع الوثيقة، أما أن علمه ليس منظما، وأنه يفتقر إلى الحجج والعلل فقد يكون ذلك صحيحا إذا قسناه إلى
نام کتاب : المدارس النحوية نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 175