نام کتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين نویسنده : الأنباري، أبو البركات جلد : 1 صفحه : 65
وكقول الآخر:
[38]
وأيُّ أمر سيِّئٍ لا فَعَلَهْ
أي: لم يفعله، فكذلك ههنا قوله "لولا حددت" أي لو لم أحدّ؛ فدلّ على أن "لولا" هذه ليست لولا التي وقع فيها الخلاف، فدل على أنها مختصة بالأسماء دون الأفعال، فوجب أن تكون عاملة على ما بيّنا.
وأما قولهم"لو كانت لولا هي العاملة لأن التقدير لو لم يمنعني زيد لكان فيها معنى الجَحْدِ، فكان ينبغي أن يعطف عليها بولا: لأن الجحد يعطف عليه بولا إلى آخر ما قرروه "قلنا: إنما لم يجز ذلك لأن "لولا" مركبة من لو ولا، فلما ركبتا خرجت لو من حدها ولا من الجحد؛ إذ ركبتا فصُيِّرتا حرفًا واحدًا؛ فإن الحروف إذا ركب بعضها مع بعض تغيَّر حكمها الأول، وحدث لها بالتركيب حكم آخر، كما قلنا في "لولا" بمعنى التحضيض، ولو ما وألَّا وما أشبهه، وكذلك ههنا؛ فلهذا لم يجز العطف عليها بولا، والله أعلم.
= وذلك من قبل أن لا النافية في قول الشاعر "لا ألما" وقول الآخر "لا فعله" وقول الثالث "لا ساء" قد دخلت على أفعال ماضية في اللفظ والمعنى لما رأى النحاة ذلك انطلقوا يلتمسون لأنفسهم مخرجًا، فأما المؤلف فقد سمعت كلامه، وأما قوم آخرون فقد زعموا في بعض ذلك أن "لا" مكررة في المعنى وإن لم تتكرر في اللفظ، ومن أمثلة ذلك ما قاله الزمخشري في قوله تعالى: {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} قال: "فإن قلت: قلما تقع لا الداخلة على الماضي إلا مكررة؛ فما لها لم تكرر في الكلام الأفصح؟ قلت: هي متكررة في المعنى؛ لأن المعنى: فلا فك رقبة ولا أطعم مسكينا، ألا ترى أنه فسر العقبة بذلك" ا. هـ، وتفسر العقبة هو قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ، فَكُّ رَقَبَةٍ، أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} وذهب قوم في الشواهد التي ذكرناها إلى أنها شاذة لا يقاس عليها ولا تنبني عليها قاعدة.
[38] هذا بيت من الرجز المشطور، وقد أنشده ابن منظور "ز ن ي" ولم يعزه، وقد استشهد به رضي الدين في شرح الكافية في باب حروف الجر، وشرحه البغدادي في الخزانة "4/ 228" ونسبه لشهاب بن العيف، وهو أيضًا من شواهد الكشاف في تفسير سورة البلد، ومن شواهد مغني اللبيب "رقم 405" وقبله قول الراجز
لا هم إن الحارث بن جبلة ... زنى على أبيه ثم قتله
وكان في جاراته لا عهد له
وقوله: "زنى على أبيه" يروى بتخفيف النون ويروى بتشديدها، ومعناها ضيق على أبيه، وقال ابن هشام "أصله زنى بامرأة أبيه، فحذف المضاف، وأناب على عن الباء" ا. هـ، وهو تكلف لا مبرر له، والاستشهاد بالبيت في قوله "لا فعله" حيث دخلت لا النافية على الفعل الماضي لفظًا ومعنًى ولم تتكرر، والمؤلف يذكر أن لا بمعنى لم والماضي بمعنى المضارع، على نحو ما أسلفناه لك في شرح الشاهد السابق.
نام کتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين نویسنده : الأنباري، أبو البركات جلد : 1 صفحه : 65