نام کتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين نویسنده : الأنباري، أبو البركات جلد : 1 صفحه : 269
نادى زيدًا بقوله: "يا زيد" وليس ذلك في سائر الكلام، ألا ترى أنك لو قلت: "اضرب زيدًا راكبًا" فلم تجده راكبا لم يجز أن تضربه، على أنه قد حكى أبو بكر بن السراج عن أبي العباس المُبَرِّد أنه قال: قلت لأبي عثمان المازني: ما أنكرت من الحال للمَدْعُوِّ؟ قال: لم أنكر منه شيئًا، إلا أن العرب لم تَدْعُ على شريطةٍ؛ فإنهم لا يقولون "يا زيد راكبًا" أي: ندعوك في هذه الحالة ونمسك عن دعائك ماشيًا؛ لأنه إذا قال "يا زيد" فقد وقع الدعاء على كل حال، قلت: فإن احتاج إليه راكبا ولم يحتج إليه في غير هذه الحالة، فقال: ألست تقول يا زيد دعاء حقًّا؟ فقلت: بلى، فقال: على ما تحمل المصدر؟ قلت: لأن قولي يا زيد كقولي أدعو زيدًا؛ فكأني قلت: أدعو دعاء حقًّا، فقال: لا أرى بأسًا بأن تقول على هذا: يا زيد راكبًا، فالزم القياس، قال أبو العباس: وجدت أنا تصديقًا لهذا قول النابغة:
[205]
قالت بَنُو عامر: خَالُوا بني أسد ... يا بُؤْسَ للجهل ضَرَّارًا لأقوام
[205] هذا البيت للنابغة الذبياني كما قال المؤلف، وكان بنو عامر قد طلبوا إلى قوم النابغة أن يقاطعوا بني أسد، فجهلهم النابغة في ذلك، والبيت من شواهد سيبويه "1/ 346" ورضي الدين في أول باب المنادى من شرح الكافية، وشرحه البغدادي في الخزانة "1/ 285" ومعنى "خالوا بني أسد" أي تاركوهم وقاطعوهم، وحرفيته خلوا بينهم وبين أنفسهم ولا تكونوا معهم، ومنه قالوا للمرأة المطلقة "خلية" وقالوا "خليت النبت" أي قطعته، وقوله "يا بؤس للجهل" معناه ما أبأس الجهل على صاحبه وأضره له، والاستشهاد بالبيت ههنا في قوله "يا بؤس للجهل ضرارًا" فإن هذه الكلمة حال، وقد جعله المُبَرِّد حالًا من المضاف الذي هو المنادى، ومن المعلوم أن العامل في الحال هو العامل في صاحبها؛ فيكون العامل في هذه الحال هو العامل في المنادى -وهو حرف النداء النائب مناب أدعو- وكأنه قال: أدعو بؤس الجهل أدعوه حال كونه ضرارًا لأقوام، ومن العلماء من جعل هذه الحال من المضاف إليه الذي هو الجهل؛ فيكون العامل فيه هو المضاف لأنه هو العامل في صاحبه، ومن هؤلاء رضي الدين في شرح الكافية والأعلم الشنتمري، قال رضي الدين "1/ 120": "واعلم أنه قد ينصب عامل المنادى المصدر اتفاقًا نحو: يا زيد دعاء حقا، وأجاز المُبَرِّد نصبه للحال نحو: يا زيد قائما، إذا ناديته في حال قيامه، قال: ومنه قوله:
يا بؤس للجهل ضرارا لأقوام:
والظاهر أن عامله بؤس الذي بمعنى الشدة، وهو مضاف إلى صاحب الحال -أعني الجهل- تقديرًا؛ لزيادة اللام؛ فهو مثل: أعجبني مجيء زيد راكبًا" ا. هـ. فأنت ترى أنه بعد أن نقل مذهب المُبَرِّد استظهر غيره وهو الذي حكيناه عنه، وقال الأعلم "ونصب ضرارًا على الحال من الجهل" ا. هـ، والاستشهاد الثاني بهذه الجملة في زيادة اللام وإقحامها بين المضاف الذي هو بؤس والمضاف إليه الذي هو الجهل، قال سيبويه "ومثل هذا قول الشاعر إذا اضطر:
يا بؤس للجهل ضرارًا لأقوام
حملوه على أن اللام لو لم تجئ لقلت: يا بؤس الجهل" يريد أن الشاعر مع مجيء اللام =
نام کتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين نویسنده : الأنباري، أبو البركات جلد : 1 صفحه : 269