نام کتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين نویسنده : الأنباري، أبو البركات جلد : 1 صفحه : 266
حتى إذا اصْطَبَحْتَ واغْتَبَقْتَا ... أقبلت معتادًا لما تَرَكْتَا
قد أحسن الله وقد أَسَأْتَا
فلما وقع الاسم المنادى موقع اسم الخطاب وجب أن يكون مبنيًّا كما أن اسم الخطاب مبنيّ، وإنما وجب أن يكون مبنيًّا على الضم لوجهين:
أحدهما: أنه لا يخلو: إما أن يبنى على الفتح، أو الكسر، أو الضم، بطل أن يبنى على الفتح لأنه كان يلتبس بما لا ينصرف، وبطل أن يبنى على الكسر لأنه كان يلتبس بالمضاف إلى النفس، وإذا بطل أن يبنى على الفتح وأن يبنى على الكسر تعين أن يبنى على الضم.
والوجه الثاني: أنه بني على الضم فرقًا بينه وبين المضاف؛ لأنه إن كان مضافًا إلى النفس كان مكسورًا، وإن كان مضافًا إلى غيرك كان منصوبًا؛ فبني على الضم؛ لئلا يلتبس بالمضاف؛ لأنه لا يدخل المضاف.
وإنما قلنا "إنه في موضع نصب" لأنه مفعول؛ لأن التقدير في قولك "يا زيدُ" أدعو زيدًا، أو أنادي زيدًا، فلما قامت "يا" مقام أدعو عملت عمله، والذي يدل على أنها قامت مقامه من وجهين؛ أحدهما: أنها تدخلها الإمالة نحو "يا"
= المفصل "ص57 و 160 ليبزج" والأشموني "رقم 866" وابن هشام في أوضح المسالك "رقم 431" والاستشهاد به ههنا في قوله "يا مر يا بن واقع" وفي قوله "يا أنتا" فإن النداء الثاني -وهو قوله "يا أنتا"- يدل على النداء الأول -وهو قوله"يامر يابن واقع"- في معناه، فيكون الاسم العلم المنادى واقعًا موقع الضمير، وقد علم أن الضمير مبني، فيكون الواقع موقعه مبنيًّا أيضًا، قال ابن يعيش "ص160" "فإن قيل: فلم بني، وحق الأسماء أن تكون معربة؟ فالجواب أنه إنما بني لوقوعه موقع غير المتمكن، ألا ترى أنه وقع موقع المضمر، والمتمكنة من الأسماء إنما جعلت للغيبة؛ فلا تقول قام زيد وأنت تحدثه عن نفسه، إنما إذا أردت أن تحدثه عن نفسه فتأتي بضميره فتقول: قمت، والنداء حال خطاب، والمنادى مخاطب، فالقياس في قولك يا يزيد أن تقول: يا أنت، والدليل على ذلك أن من العرب من ينادي صاحبه إذا كان مقبلًا عليه ومما لا يلتبس ندؤاه بالمكنى، فيناديه بالمكنى على الأصل فيقول: يا أنت، قال الشاعر:
يا مر يا ابن واقع يا أنتا
غير أن المنادى قد يكون بعيدًا منك أو غافلًا، فإذا ناديته بأنت أو إياك لم يعلم أنك تخاطبه أو تخاطب غيره؛ فجئت بالاسم الذي يخصه دون غيره وهو زيد، فوقع ذلك الاسم موقع المكنى، فتبنيه لما صار إليه من مشاركة المكنى الذي يجب بناؤه" ا. هـ.
واعلم أن العرب إذا استعملت الضمير في النداء استعملته على وجهين: أحدهما أن يأتوا به ضميرًا من ضمائر النصب فيقولوا "يا إياك" والثاني أن يأتوا به ضميرًا من ضمائر الرفع فيقولوا "يا أنت" كما في البيت المستشهد به.
نام کتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين نویسنده : الأنباري، أبو البركات جلد : 1 صفحه : 266