نام کتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين نویسنده : الأنباري، أبو البركات جلد : 1 صفحه : 114
قوله "هو" ضمير للبخل وإن لم يكن مذكورًا؛ لدلالة "يبخلون" عليه، ومنه قولهم "من كذب كان شرًا له" أي كان الكذب شرًا له، ومنه قول الشاعر:
[87]
إذا نُهِيَ السَّفِيهُ جَرَى إليه ... وخَالَفَ، والسفيه إلى خِلَافِ
يريد جَرَى إلى السفه، وهذا كثير في كلامهم؛ فكما أنه يجوز أن يعود الضمير إلى المصدر وإن لم يجرِ له ذكر استغناء بذكر فعله، فكذلك يجوز أن يتوجّه التصغير اللاحق لفظ الفعل إلى مصدره وإن لم يجرِ له ذكر، ونظير هذا إضافتهم أسماء الزمان إلى الفعل نحو قوله تعالى: {قَالَ اللَّهُ هَذَا يوْمُ ينْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} [المائدة: 119] وإن كانت الإضافة إلى الأفعال غير جائزة، وإنما جاز ذلك لأن المقصود بالإضافة إلى الفعل مصدره من حيث كان ذكر الفعل يقوم مقام ذكر مصدره؛ فالتقدير فيه: هذا يومُ نَفْعِ الصادقين صدقُهم، وإنما خصوا أسماء الزمان[1] بهذه الإضافة لما بين
[87] هذا البيت من الشواهد التي لم أقف لها على نسبة إلى قائل معين، وقد أنشده رضي الدين في شرح الكافية "2/ 4" وذكر البغدادي في الخزانة "2/ 384" أن جماعة من النحاة أنشدوه منهم ابن جني في إعراب الحماسة والفراء في معاني القرآن وثعلب في أماليه، ولم يعزه واحد منهم، وزجر -بالبناء للمجهول- ويروى "إذا نهي السفيه" ومتعلق الزجر أو النهي عام، والتقدير: إذا زجر عن شيء ما، أو إذا نهي عن شيء ما، والسفيه: وصف من السفه، وهو الطيش والحمق ورقة العقل، وجرى: سارع، ومفعول "خالف" محذوف للعلم به، وتقدير الكلام: خالف زاجره أو خالف ناهيه، وجملة "والسفيه إلى خلاف" للتذييل، والمعنى: ومن شأن السفيه وديدنه وطبعه مخالفة ناصحه. والاستشهاد بالبيت في قوله "جرى إليه" فإن مرجع الضمير المجرور محلا بإلى لم يتقدم صريحًا في الكلام، ولكن تقدم الوصف الدال عليه وهو قوله "السفيه" فإن هذه الكلمة دالة على الذات والحدث الذي تتصف به وهو السفه، فاكتفى الشاعر بتقدم المرجع في ضمن الوصف، ونظيره قوله تعالى: {وَلا يحْسَبَنَّ الَّذِينَ يبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيرًا لَهُمْ} فإن "هو" في هذه الآية راجع إلى البخل المستفاد من "يبخلون" ولم يتقدم ذكر البخل صراحة، وقوله تعالى: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} فإن "هو" راجع إلى العدل، ولم يقدم ذكر العدل صراحة ولكنه تقدم في ضمن قوله "اعدلوا" لأن الفعل يدل على الحدث والزمان كما هو معلوم، ونظيرهما قوله جلت كلمته: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} فإن فاعل "زادهم" ضمير مستتر جوازًا تقديره هو يعود إلى قول الناس ولم يتقدم صراحة، وإنما تقدم في ضمن الفعل الذي هو قوله "قال لهم الناس" ونظير ذلك أيضًا قوله تباركت أسماؤه: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يرْضَهُ لَكُمْ} أي يرضى الشكر، ولم يتقدم ذكر الشكر صراحة، ولكنه تقدم في ضمن قوله سبحانه {وَإِنْ تَشْكُرُو ا} . [1] أضيف بعض أسماء المكان أيضًا إلى الجملة الفعلية ومنه قوله تعالى: {الله أعلم حَيثُ يجْعَلُ رِسَالَتَهُ} .
نام کتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين نویسنده : الأنباري، أبو البركات جلد : 1 صفحه : 114