responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لسان العرب نویسنده : ابن منظور    جلد : 4  صفحه : 247
زَهْرَةِ الدُّنْيَا، وإِن مِمَّا يُنْبِتُ الربيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطاً أَو يُلِمُّ إِلَّا آكِلَةَ الخَضِرِ، فإِنها أَكَلَتْ حَتَّى إِذا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ ثُمَّ رَتَعَتْ، وإِنما هَذَا المالُ خَضِرٌ حُلْوٌ، ونِعْمَ صاحبُ المُسْلِمِ هُوَ أَن أَعطى مِنْهُ الْمِسْكِينَ وَالْيَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ
؛ وَتَفْسِيرُهُ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، قَالَ: والخَضِرُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ضَرْبٌ مِنَ الجَنْبَةِ، وَاحِدَتُهُ خَضِرَةٌ، والجَنْبَةُ مِنَ الكلإِ: مَا لَهُ أَصل غَامِضٌ فِي الأَرض مِثْلُ النَّصِيّ والصِّلِّيانِ، وَلَيْسَ الخَضِرُ مِنْ أَحْرَارِ البُقُول الَّتِي تَهِيج فِي الصَّيْفِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا حَدِيثٌ يَحْتَاجُ إِلى شَرْحِ أَلفاظه مُجْتَمِعَةً، فإِنه إِذا فُرِّقَ لَا يَكَادُ يُفْهَمُ الْغَرَضَ مِنْهُ. الحبَط، بِالتَّحْرِيكِ: الْهَلَاكُ، يُقَالُ: حَبِطَ يَحْبَطُ حَبَطاً، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَاءِ؛ ويُلِمُّ: يَقْرُبُ وَيَدْنُو مِنَ الْهَلَاكِ، والخَضِرُ، بِكَسْرِ الضَّادِ: نَوْعٌ مِنَ الْبُقُولِ لَيْسَ مِنْ أَحرارها وجَيِّدها؛ وثَلَطَ البعيرُ يَثْلِطُ إِذا أَلقى رَجِيعَهُ سَهْلًا رَقِيقًا؛ قَالَ: ضَرَبَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَثَلَيْنِ: أَحدهما للمُفْرِط فِي جَمْعِ الدُّنْيَا وَالْمَنْعِ مِنْ حَقِّهَا، وَالْآخَرُ لِلْمُقْتَصِدِ فِي أَخذها وَالنَّفْعِ بِهَا، فَقَوْلُهُ
إِن مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطًا أَو يلمُ
فإِنه مَثَلٌ لِلْمُفَرِطِ الَّذِي يأْخذ الدُّنْيَا بِغَيْرِ حَقِّهَا، وَذَلِكَ لأَن الرَّبِيعَ يُنْبِتُ أَحرار الْبُقُولِ فَتَسْتَكْثِرُ الْمَاشِيَةُ مِنْهُ لَاسْتَطَابَتِهَا إِياه حَتَّى تَنْتَفِخَ بُطُونُهَا عِنْدَ مُجَاوَزَتِهَا حَدَّ الِاحْتِمَالِ، فَتَنْشَقُّ أَمعاؤها مِنْ ذَلِكَ فَتَهْلِكُ أَو تُقَارِبُ الْهَلَاكَ، وَكَذَلِكَ الَّذِي يَجْمَعُ الدُّنْيَا مِنْ غَيْرِ حِلِّهَا وَيَمْنَعُهَا مُسْتَحِقَّهَا، قَدْ تَعَرَّضَ لِلْهَلَاكِ فِي الْآخِرَةِ بِدُخُولِ النَّارِ، وَفِي الدُّنْيَا بأَذى النَّاسِ لَهُ وَحَسَدِهِمْ إِياه وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنواع الأَذى؛ وأَما قَوْلُهُ
إِلا آكِلَةَ الْخَضِرِ
فإِنه مَثَلٌ لِلْمُقْتَصِدِ وَذَلِكَ أَن الخَضِرَ لَيْسَ مِنْ أَحرار الْبُقُولِ وَجَيِّدِهَا الَّتِي يُنْبِتُهَا الرَّبِيعُ بِتَوَالِي أَمطاره فَتَحْسُنُ وتَنْعُمُ، وَلَكِنَّهُ مِنَ الْبُقُولِ الَّتِي تَرْعَاهَا الْمَوَاشِي بَعْدَ هَيْجِ البُقُول ويُبْسِها حَيْثُ لَا تَجِدُ سِوَاهَا، وَتُسَمِّيهَا العربُ الجَنْبَةَ فَلَا تَرَى الْمَاشِيَةَ تُكْثِرُ مِنْ أَكلها وَلَا تَسْتَمْرِيها، فَضَرَبَ آكلةَ الخَضِرِ مِنَ الْمَوَاشِي مَثَلًا لِمَنْ يَقْتَصِرُ فِي أَخذ الدُّنْيَا وَجَمْعِهَا، وَلَا يَحْمِلُهُ الْحِرْصُ عَلَى أَخذها بِغَيْرِ حَقِّهَا، فَهُوَ يَنْجُو مِنْ وَبَالِهَا كَمَا نَجَتْ آكِلَةُ الْخَضِرِ، أَلا تَرَاهُ قَالَ:
أَكَلَتْ حَتَّى إِذا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ؟
أَراد أَنها إِذا شَبِعَتْ مِنْهَا بَرَكَتْ مُسْتَقْبِلَةً عَيْنَ الشَّمْسِ تَسْتَمِرِّي بِذَلِكَ مَا أَكلت وتَجْتَرُّ وتَثْلِطُ، فإِذا ثَلَطَتْ فَقَدْ زَالَ عَنْهَا الحَبَطُ، وإِنما تَحْبَطُ الْمَاشِيَةُ لأَنها تَمْتَلِئُ بُطُونُهَا وَلَا تَثْلِطُ وَلَا تَبُولُ فَتَنْتَفِخُ أَجوافها فَيَعْرِضُ لَهَا المَرَضُ فَتَهْلِكُ، وأَراد بِزَهْرَةِ الدُّنْيَا حُسْنَهَا وَبَهْجَتَهَا، وَبِبَرَكَاتِ الأَرض نماءَها وَمَا تُخْرِجُ مِنْ نَبَاتِهَا. والخُضْرَةُ فِي شِيات الْخَيْلِ: غُبْرَةٌ تُخَالِطُ دُهْمَةً، وَكَذَلِكَ فِي الإِبل؛ يُقَالُ: فَرَسٌ أَخْضَرُ، وَهُوَ الدَّيْزَجُ. والخُضَارِيُّ: طَيْرٌ خُضْرٌ يُقَالُ لَهَا القارِيَّةُ، زَعَمَ أَبو عُبَيْدٍ أَن الْعَرَبَ تُحِبُّهَا، يُشَبِّهُونَ الرَّجُلَ السَّخِيَّ بِهَا؛ وَحَكَى ابْنُ سِيدَهْ عَنْ صَاحِبِ الْعَيْنِ أَنهم يَتَشَاءَمُونَ بِهَا. والخُضَّارُ: طَائِرٌ مَعْرُوفٌ، والخُضَارِيُّ: طَائِرٌ يُسَمَّى الأَخْيَلَ يُتَشَاءَمُ بِهِ إِذا سَقَطَ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرٍ، وَهُوَ أَخضر، فِي حَنَكِه حُمْرَةٌ، وَهُوَ أَعظم مِنَ القَطا. وَوَادٍ خُضَارٌ: كَثِيرُ الشَّجَرِ. وَقَوْلُ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِياكم وخَضْرَاءَ الدِّمَنِ، قِيلَ: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: المرأَة الْحَسْنَاءُ فِي مَنْبِتِ السَّوْءِ
؛ شَبَّهَهَا بِالشَّجَرَةِ النَّاضِرَةِ فِي دِمْنَةِ البَعَرِ، وأَكلُها داءٌ، وَكُلُّ مَا يَنْبُتُ فِي الدِّمْنَةِ وإِن كَانَ

نام کتاب : لسان العرب نویسنده : ابن منظور    جلد : 4  صفحه : 247
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست