responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تهذيب اللغة نویسنده : الأزهري، أبو منصور    جلد : 5  صفحه : 187
وَقَالَ ابْن المظفّر: الحَيَوانُ كلٌّ ذِي رُوحٍ، والجميع وَالْوَاحد فِيهِ سواءٌ. قَالَ: والحَيَوان مَاءٌ فِي الْجنَّة لَا يُصِيب شَيْئا إِلَّا حَيِيَ بِإِذن الله. قَالَ: واشتقاق الحيَّةِ من الحيَاةِ، وَيُقَال هِيَ فِي أصل الْبناء حَيْوَة فأُدْغِمت الْيَاء فِي الْوَاو، وجُعلتا يَاء شَدِيدَة. قَالَ وَمن قَالَ لصَاحب الحيَّاتِ حَايٍ فَهُوَ فاعلٌ من هَذَا البِنَاءِ وَصَارَت الْوَاو كسْرةً كواو الغازِي والعالي.
وَمن قَالَ حَوّاء على فَعَّال فَإِنَّهُ يَقُول: اشتقاق الحيَّةِ من حَوَيْتُ لِأَنَّهَا تَتَحَوَّى فِي الْتوائها، وكُل ذَلِك تَقول العربُ. قلت: وَإِن قيل حَاوٍ على فَاعل فَهُوَ جَائِز، والفرْقُ بَينه وَبَين غازِي أَنَّ عين الْفِعْل من حاوٍ وَاوٌ وعينَ الْفِعْل من الغازِي الزَّاي فبينهما فرق. وَهَذَا يَجُوزُ على قولِ من جعل الحيَّة فِي أصل الْبناء حَوْيَةً.
وَقَالَ الليثُ الحياءُ من الاستحياء ممدودٌ وَرجل حَيِيٌّ بِوَزْن فَعِيلٍ وَامْرَأَة حَيِيَّةٌ وَيُقَال: استحيا الرجل واستحْيَتْ المرأةُ. قلت: وللعرب فِي هَذَا الْحَرْف لُغَتَانِ يُقَال اسْتَحى فلَان يستَحِي بياءٍ واحدةٍ، واستحْيَا فلَان يَسْتَحْيي بياءين. والقرآنُ نَزَلَ باللُّغة التامَّة.
قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْىِ أَن يَضْرِبَ مَثَلاً} (البَقَرَ: 26) .
وَأما قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اقْتُلوا شُيُوخَ المُشْركين واستَحْيُوا شَرْخَهُمْ فَهُوَ بِمَعْنى استفْعِلُوا من الْحَيَاة أَي استبْقوهم وَلَا تَقْتُلُوهُمْ.
وَكَذَلِكَ قَول الله {طَآئِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ} (القَصَص: 4) أَي يستبْقِيهِنّ فَلَا يقتلُهن. وَلَيْسَ فِي هَذَا الْمَعْنى إِلَّا لُغَةٌ وَاحِدَة. وَيُقَال فلانٌ أَحْيَا من الهَدِي وَأَحْيَا من كَعَابٍ وَأَحْيَا من مُخَدَّرةٍ وَمن مخبَّأَةٍ، وَهَذَا كُله من الْحيَاء ممدودٌ، وَأما قولُهم أَحْيَا من الضَّب فَهِيَ الحياةُ.
وَقَالَ أَبُو زيد يُقَال حَيِيتُ من فعل كَذَا أَحْيَا حَيَاءً أَي استَحْيَيتُ وَأنْشد:
أَلا تَحْيَوْنَ من تَكْثِيرِ قَوْمٍ
لِعَلاَّتٍ وأمُّكُمُ رَقُوبُ
مَعْنَاهُ أَلا تَسْتَحْيُونَ.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (الحَيَاءُ شعبةٌ من الْإِيمَان) . وَاعْترض هَذَا الحديثَ بعضُ النَّاس، فَقَالَ كيفَ جعل الحيَاءَ وَهُوَ غرِيزةٌ شُعْبَة من الْإِيمَان وَهُوَ اكتسابٌ؟ وَالْجَوَاب فِي ذَلِك أَن المستحِي يَنْقَطِع بالحياءِ عَن المعَاصِي وَإِن لم تكن لَهُ تقِيَّةٌ، فَصَارَ كالإيمان الَّذِي يُقْطعُ عَنْها ويحول بَين الْمُؤمنِينَ وبيْنهَا، وَكَذَلِكَ قِيلَ إِذا لم تَسْتَحِ فاصنعْ مَا شِئْتَ، يُرَادُ أَنَّ من لم يَسْتَحِ صَنَع مَا شَاءَ لأنّه لَا يكون لَهُ حياءٌ يَحْجِزُه عَن الفواحِش فيتهافَتُ فِيهَا وَلَا يتوقّاها، وَالله أعلم.
وَأما قَول الله جلَّ وعزَّ مُخْبِراً عَن طائفةٍ من الكفّار لم يُؤمنُوا بِالْبَعْثِ والنشور بعد الْمَوْت {تَذَكَّرُونَ وَقَالُواْ مَا هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ} (الجَاثِيَة: 24) فإنّ أَبَا الْعَبَّاس أَحْمد بن

نام کتاب : تهذيب اللغة نویسنده : الأزهري، أبو منصور    جلد : 5  صفحه : 187
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست