والمادية، فشأنه في هذا شأن الخلية الميتة في جسم الإنسان التي تفسح بموتها المجال للخلية الجديدة الشابة ليبقى الجسم قوياً قادراً علىالحياة.
وبالجملة فإنّ الممات عامل مهمّ من عوامل نموّ اللّغة، في إماتته وفي إحيائه، ففي إماتته إفساح المجال لتنمية اللّغة وتجديدها، وفي إحيائه حقن للّغة بألفاظ أصيلة مألوفة للّغة ومقاييسها.
الفصل الثاني
موقف العلماء من إحياء الممات
لعلماء العربيّة موقفان متضادّان في إحياء الممات وهم في ذلك فريقان: فريق لا يجيز إحياء الممات، وفريق يجيزه.
وممّن لا يجيزون إحياء الممات (ثعلب) فهو يَعُدُّ ماضي وَذَرَ ووَدَعَ من غير الفصيح، ولا يجوز الكلام بهما[1].
ومنهم الفارابيّ إذ نقل عنه الفيّوميّ أنّه قال: "والعرب قد تميت الشيء حتّى يكون، مهملاً فلا يجوز أن ينطق به"[2] وهذا نصّ صريح الدّلالة.
ولا يجيز أبو عليّ الفارسيّ استعمال ما أميت من (يَدَعُ) و (يَذَرُ) لأنّ العرب رفضت ذلك واستغنت عنه[3]، وعلى هذا يمكن أن يقال: إنّه يمنع إحياء الممات، قياساً على منعه إحياء ماضي يَدَعُ ويَذَرُ.
ويوافقه في ذلك تلميذه ابن جنّي في كلامه في باب القول على الاطّراد [1] ينظر: الفصيح 289. [2] المصباح 702. [3] ينظر: المسائل العسكرية 135، 136.