نام کتاب : دراسات في فقه اللغة نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 139
المقصودة الواعية للإعراب، وبينهما اختلاف جوهري، فإن ربيعة لا تقول: رأيت زيدْ، بتسكين "زيد" إلّا في حالة الوقف، أما إذا لم تقف على الاسم المنون المنصوب بل واصلت تعبيرها وأتمت جملتها, فإنها تقول مثلًا: "رأيت زيدًا في بيته". ولم يُحفظ لنا إسقاطها حركة الإعراب في مثل هذا المقام، ولا إسقاطها في غير الاسم المنوّن المنصوب حين الوقف، ومعنى هذا أنها كانت تعرب الأسماء والأفعال في غير هذا المقام، أو أنها على الأقل, لم يُحْفَظْ عنها في باب الإعراب إلّا هذا الشذوذ، والقاعدة التي تتبعها في سائر كلامها بعد ذلك ظلت تحريك الأواخر بالسجية والسليقة.
ومثل ذلك يقال في بَتْرِ لخمٍ ألف ضمير الغائبة حين تنطق "بهْ" بدلًا من "بها", فإنها كانت تلفظ لا شعوريًّا، ولو كان متعمدًا لأسقطت جميع علامات التأنيث في حالتي الإفراد والجمع؛ فقالت: البقر، وهي تقصد "البقرة", وقالت: البَقَرَا، وهي تقصد "البقرات"مثلًا، ولكن شيئًا من هذا لم يُعْرَف عنها, ومثل ذلك يقال أيضًا في وقوف طيء بالهاء بدلًا من التاء في جمع المؤنث السالم، فإنهم لم يعمموه على كل لفظ يشبه آخره آخر جمع المؤنث السالم، فما قالوا: "إني آه" يريدون "إني آت", ولا قالوا: "عليك بالثباه" يريدون "عليك بالثبات"؛ فالمثل المحفوظ عنهم ضرب من الشذوذ, فهمه الأقدمون الفهم المناسب له حين سلكوه في عداد اللغات الضعيفة, ولذلك لم نجد رَبَعيًّا يقرأ "َفألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق به، وأهله" بل {كَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} ولا طائيًّا يقرأ "والمؤمنون والمؤمناه", بل {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ} .
والقرآن بالتزام ترتيله على نمط معين، ونظام وقوفه أثناء الآية بصورة
نام کتاب : دراسات في فقه اللغة نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 139