نام کتاب : دراسات في فقه اللغة نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 136
وموعاد"؛ وكذلك لو آثرت تصحيح فاء موسر وموقن لقدرت على ذلك، فقلت:"مُيْسر ومُيْقن" وكذلك لو نصب الفاعل، ورفعت المفعول، أو ألغيت العوامل من الجوار والنواصب والجوازم، لكنت مقتدرًا على النطق بذلك، وإن نفي القياس تلك الحال؛ وليست كذلك على المتكلمين، لأنها لا قدرة لها على غيرها"[1].
ولو لم يصرح ابن جني بهذا, لعدناه من متكلفي النحاة الذين يأبون إلّا أن يروا عللهم على وجه الحكمة كيف وقعت، مع أن اللغة وعللها وأقيستها ليست منطقية دائمًا، فبين لغة العقل والمنطق، ولغة الإرادة والرغبة، ولغة الانفعال والحساسية، فروق لا يجهلها أحد[2].
لذلك ردَّ بعض الباحثين كثيرًا من تعليلات الأقدمين، وأكدوا أنها ليست من المنطق في شيء، ورموا العرب بضعف التعليل، ونبهوا إلى أن عمل النحوي في دراسة التراكيب يمتثل في التمييز بين أنواع الجمل المختلفة، ثم تعيين المجموعات التي تسير على نظام ثابت، في كل نوع؛ إذ تخلو من الحروف المتنافرة, ويسهل النطق بها[3].
ولم ينكر أحد من الباحثين المعاصرين، مع ذلك، أن كثرة اشتغال النحاة العرب القدامى بالتعليل والقياس، وأخذهم بالأنبينة المقيسة, دليل على غنى مباحثهم اللغوية، بل على ترفهم في تلك المباحث[4].
وإذا كان بعض النقاد اليوم في هجومهم الصاعق على الإعراب يحسبون أنهم إنما يتبعون ابن مضاء، فإنه لم يبلغ بآرائه الجديدة في النحو حد إنكار ما للحركة الإعرابية من مدلول، بل كان -على العكس [1] الخصائص 1/ 148-149, باب تخصيص العلل. [2] قارن بفندريس 182. [3] قارن بدلالة الألفاظ, للدكتور إبراهيم أنيس, ص28 وما بعدها. [4] النحو العربي على ضوء اللغات السامية 84.
نام کتاب : دراسات في فقه اللغة نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 136