responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس    جلد : 1  صفحه : 184
فهذه الجمل ذات قيمة انفعالية واضحة كل الوضوح. فإذا صيغت في لغة المنطق الجدلية صارت: "أرثى لهذا المسكين" أو "يدهشني أن أراك هناك" تخيل أني استعملت في الواقع هاتين الصورتين من صور الجملة، أفتظن أنهما أيضا يخلوان من كل قيمة انفعالية، قيمة تختلف بلا ريب عما في جملتي التعجب اللتين قيلتا في تلهف وإن كانت لا تقل عنها قرعا للذهن؟ بل قد يحس الإنسان فيهما إما رغبة في استخراج المغزى الأدبي من الحادثة وإما تفريعا للدهشة الناجمة من مقابلة صديق وإما كبتا لحركة من الحساسية شديدة العنف تحاول أن تنطلق من عقالها. ولكن محاولة التخلص من إظهار العاطفة في هذه الحال ليست إلا إظهارا للعاطفة.
لا تكاد توجد جملة، مهما كان حظها من الابتذال، لا تخالطها عناصر انفعالية. فإذا قلت: "بيير يضرب بول" بدا على أني أعبر بكل بساطة عن علاقة بين شخصين يجمع بينهما حدث الضرب, وهذا على الأقل كل ما يزودني به التحليل المنطقي المزعوم, ولكن الواقع أن مثل هذه الجملة لا يمكن مطلقا أن تكون عبارة منطقية عن علاقة ما، إذ إني أضيف إليها دائما ألوانا انفعالية. فضرب بيير لبول لا يمكن أن يكون عديم الأثر بالنسبة إلى، إذ لو لم يكن له مساس بنفسي لما قلته. إذن فالجملة التي أنطق بها ذات قيمة تختلف عن القيمة التي تكون لها لو كنت قد قرأتها في كتاب من كتب التاريخ يدور فيه الكلام عن ملك ما اسمه بيير وملك آخر اسمه بول لا يعنيني من أمرهما شيء. ذلك أن القصص التاريخي موضوعي دائما. وهذا ما يجعله التلميذ الصغير، الذي يحفظ دروسه في التاريخ عن ظهر قلب، يقبل دون تقزز على تعداد الفظائع التي ارتكبها بنو البشر في تناحرهم بعضهم مع بعض، فهي لا تحركه لأنه يراها تقع في ماض سحيق تباعده عنه سنون طوال، وإذن فهو يتسلى بها. وعلى العكس من ذلك لا نستطيع أن نقرأ دون قشعريرة تسري في أجسامنا خبرا لجريمة عادية وقعت أمام منزلنا. فإني في المثال المتقدم أراني لدى نطقي بالجملة أحس في نفسي بعواطف مختلفة من الحنق أو العقاب أو التهديد أو الغضب أو الرضا أو التشجيع أو القبول أو

نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس    جلد : 1  صفحه : 184
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست