responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحث اللغوي عند العرب نویسنده : أحمد مختار عمر    جلد : 1  صفحه : 153
فأخذوا يصيدون في الماء العكر، وينقصون من قدر هذه الدراسة ويتلمسون الأدلة والأسباب لنقولاتهم. ويحكي لنا أبو جعفر النحاس "من نحاة القرن الرابع بمصر" طرفًا من هذه القضية في كتاب له بعنوان "صناعة الكتاب" لم يصلنا، ولكن اقتبسه القلقشندي في كتابه "صبح الأعشى". ونص عبارته: "قال أبو جعفر النحاس: وقد صار أكثر الناس يطعن على متعلمي العربية جهلًا وتعديًا حتى إنهم يحتجون بما يزعمون أن القاسم بن مخيمرة قال: "النحو أوله شغل وآخره بغي".
قال: وهذا كلام لا معنى له لأن أول الفقه شغل وأول الحسساب شغل، وكذلك أوائل العلوم. أفترى الناس تاركين العلوم من أجل أن أولها شغل؟ قال: وأما قوله: "وآخره بغي" إن كان يريد به أن صاحب النحو إذا حذقه صار فيه زهو واستحقر من يلحن فهذا موجود في غيره من العلوم، من الفقه وغيره في بعض الناس وإن كان مكروهًا.
وإن كان يريد بالبغي التجاوز فيما لا يحل، فهذا كلام محال، فإن النحو إنما هو العلم باللغة التي نزل بها القرآن، وهي لغة النبي -صلى الله عليه وسلم- وكلام أهل الجنة وكلام أهل السماء. ثم قال بعد كلام طويل: وقد كان الكتاب فيما مضى أرغب الناس في علم النحو، وأكثرهم تعظيمًا للعلماء حتى دخل فيهم من لا يستحق هذا الاسم فصعب عليه باب العدد فعابوا من أعرب الحساب وبعدت عليهم معرفة الهمزة التي ينضم ويفتح ما قبلها"[1].
وقد ظهر ضيق الناس بالنحو حتى قبل استفحال أمر الشعوبية، وحتى من طلاب النحو المتفرغين. فالجاحظ يقول في حيوانه: "قلت لأبي الحسن الأخفش: أنت أعلم الناس بالنحو، فلم لا تجعل كتبك مفهومة كلها؟ وما بالنا نفهم بعضها، ولا نفهم أكثرها؟ وما بالك تقدم بعض العويص، وتؤخر بعض المفهوم؟ قال: أنا رجل لم أضع كتبي هذه لله، وليست هي من كتب الدين. ولو وضعتها هذا الوضع الذي تدعوني إليه قلّت حاجاتهم إلي فيه. وإنما قد كسبت في هذا التدبير، إذ كنت إلى التكسب ذهبت"[2]. ويروي عن دماذ صاحب أبي عبيدة

[1] صبح الأعشى 1/ 171.
[2] الحيوان 1/ 91، 92.
نام کتاب : البحث اللغوي عند العرب نویسنده : أحمد مختار عمر    جلد : 1  صفحه : 153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست