والحرف لا يخبر به، ولا يخبر عنه، فقد سما على الفعل والحرف؛ أي ارتفع.
والأصل فيه "سمو" إلا أنهم حذفوا الواو من آخره، وعوضوا الهمزة في أوله، فصار اسما وزنه "افْعٌ"؛ لأنه قد حذف منه لامه التي هي الواو في سمو. وذهب الكوفيون إلى أنه سمي اسمًا؛ لأنه سمة على المسمّى يعرف بها؛ والسمة العلامة؛ والأصل فيه1 "وسم" إلا أنهم حذفوا الواو من أوله، وعوضوا مكانها الهمزة، فصار اسمًا؛ وزنه "اِعْل"؛ قد حذف منه فاؤه التي هي الواو في وسم.
والصحيح ما ذهب إليه البصريون؛ وما ذهب إليه الكوفيون، وإن كان صحيحًا من جهة المعنى، إلا أنه فاسد من جهة التصريف، وذلك من أربعة أوجه:
الوجه الأول: إنك تقول في تصغيره "سُمَيّ"؛ نحو: (حِنْو[2] وحُنَيّ، وقِنْو[3] وقُنَيّ) ولو كان مأخوذًا من السمة؛ لوجب أن تقول: "وسيم" كما تقول في تصغيره "عدة": وعيدة، وفي تصغير "زنة": وزينة. فلما قيل "سُمَيّ" دل على أنه من السمو، لا من السمة، وكان الأصل فيه: "سُمَين" إلا أنه لما اجتمعت الياء والواو، والسابق منهما ساكن؛ قلبوا الواو ياء، وجعلوها مشددة، كما قالوا: سيّد وهيّن وميّت، والأصل فيه: سَيْوِد وهَيْوِن ومَيْوِت، إلا أنه لما اجتمعت الواو والياء، والسابق منهما ساكن؛ قلبوا الواو ياء، وجعلوهما ياء مشددة، وقلبوا الواو إلى الياء، ولم يقلبوا الياء إلى الواو؛ لأن الياء أخف، والواو أثقل، فلما وجب قلب أحدهما إلى الآخر، كان قلب الواو التي هي أثقل، إلى الياء التي هي أخف أولى.
والوجه الثاني: أنك تقول في تكسيره: "أسماء"؛ نحو: حِنْو وأحناء، وقِنْو وأقْنَاء، ولو كان مأخوذًا من السِّمَة؛ لوجب أن تقول في تكسيره: "أوسام" فلما قيل "أسماء" دل على أنه من السمو لا من السمة، وكان الأصل فيه: "أسماو" إلا أنه لما وقعت الواو طرفًا، وقبلها ألف زائدة؛ قلبت همزة، كما قالوا: حذاء، وكساء، وسماء؛ والأصل فيه: حذاو، وكساو، وسماو، إلا أنه لما وقعت الواو طرفًا، وقبلها ألف زائدة؛ قلبت همزة؛ وقيل: قلبت ألفًا؛ لأنها
1 في "س" فيها. [2] حِنْو: كل ما فيه اعوجاج من البدن، ويجمع على أحناء، وحُنَيّ. [3] القِنْو: العِذق من النخل، وهو كالعنقود من العنب؛ ومثلها: القِناء.