الباب الخامس والأربعون: باب عطف البيان
[الغرض في عطف البيان]
إن قال قائل: ما الغرض في عطف البيان؟ قيل: الغرض فيه رفع اللبس، كما في الوصف؛ ولهذا، يجب أن يكون أحد الاسمين يزيد على الآخر في كون الشخص معروفًا به؛ ليخصَّه من غيره؛ لأنه لا يكون إلا بعد اسم مشترك، ألا ترى أنك إذا قلت: "مررت بولدك زيد" /فَ/[1] قد خصصت ولدًا واحدًا من أولاده، فإن لم يكن له إلا ولدٌ واحدٌ كان بدلاً، ولم يكن عطف بيان؛ لعدم الاشتراك.
[وجه الشبه بين عطف البيان وكل من البدل والوصف]
وعطف البيان يشبه البدل من وجه، ويشبه الوصف من وجه؛ فوجه شبهه للبدل[3] أنه اسم جامد، كما أن البدل يكون اسمًا جامدًا، ووجه شبهه للوصف[4] أن العامل فيه هو العامل في الاسم الأول؛ والدليل على ذلك أنك تحمله تارةً على اللفظ، وتارة على الموضع؛ فتقول: "يا زيدُ زيدٌ زيدًا" فالرفع على اللفظ، والنصب على الموضع، قال الشاعر[5]: [الرَّجز]
إني وأسطارٍ سُطِرْنَ سَطْرًا ... لقَائِلٌ يا نصرُ نصرٌ نصرَا
(ويجوز أن يكون "نصرًا" الثالث منصوبًا على المصدر، كأنه قال: انصر نصرًا،[6] وهذا باب يترجمه البصريون، ولا يترجمه الكوفيُون؛ فاعرفه تصب، إن شاء الله تعالى. [1] سقطت من "ط".
2 في "ط" ولدًا واحدًا. [3] في "س" بالبدل. [4] في "س" بالوصف. [5] الشاعر هو: رؤبة بن العجّاج، وقد سبقت ترجمته، ونسبه بعضهم إلى ذي الرُّمَّة. موطن الشاهد: "يا نصرُ نصرٌ نصرا".
وجه الاستشهاد: عطف "نصر" الثانية، والثالثة عطف بيان على نصر الأولى؛ فرفعت الثانية عطفًا على اللفظ، ونُصبت الثانية عطفًا على المحل؛ وفي البيت أوجه كثيرة لا داعي لذكرها. [6] سقطت من "ط".