الباب الحادي والأربعون: باب القسم
[علة حذف فعل القسم]
إن قال قائل: لِمَ حذف فعل القسم؟ قيل: إنما حذف فعل القسم لكثرة الاستعمال.
[الباء هي الأصل في حروف القسم وعلة ذلك]
فإن قيل: فَلِمَ قلتم: إن الأصل في حروف القسم الباء دون غيرها، يعني الواو والتاء؟ قيل: لأن فعل القسم المحذوف فعل لازم، ألا ترى أن التقدير في قولك: "بالله لأفعلنَّ: أقسم بالله، أو أحلف بالله" والحرف المعدي من هذه الأحرف هو "الباء"؛ لأنَّ "الباء" هو الحرف الذي يقتضيه الفعل، وإنما كان "الباء" دون غيره[1] من الحروف المعدِّية؛ لأنَّ "الباء" معناها الإلصاق؛ فكانت أولى من غيرها؛ ليتصل فعل القسم بالمقسم به مع تعديته[2]، والذي يدلُ على أنها هي الأصل، أنها تدخل على المضمر والمظهر، و"الواو" تدخل على المظهر دون المضمر، والتاء تختص باسم الله -تعالى- دون غيره، فلما دخلت "الباء" على المظهر والمضمر، واختصت الواو بالمظهر، والتاء باسم الله تعالى؛ دل على أن الباء هي الأصل.
[علة جعلهم الواو بدلاً من الباء]
فإن قيل: فَلِمَ جعلوا الواو دون غيرها بدلاً من الباء؟ قيل: لوجهين:
أحدهما: أنَّ الواو تقتضي الجمع، كما أنَّ الباء تقتضي الإلصاق، فلما تقاربا في المعنى؛ أُقيمت مقامها.
والثَّاني: أن الواو مخرجها من الشفتين، (كما أنَّ الباء مخرجها من الشفتين) [3]، فلما تقاربا في المخرج، كانت أولى من غيرها. [1] في "ط" غيرها. [2] في "س" تعديه. [3] سقطت من "س".