وصاحبي/[1]: غلامني، وصاحبني، لم يجز، فلما دخلت هذه النون عليه؛ دلَّ على أنه فعل.
والوجه الثاني: أنهم قالوا: الدليل على أنه فعل، أنه ينصب المعارف والنكرات، و"أفعل" إذا كان اسْمًا، إنما ينصب النكرات خاصة على التمييز؛ نحو: هذا أكبر منك سنًّا، وأكثر منك علمًا، وما أشبه ذلك، فلمَّا نصب -ههنا- المعارف، دلَّ على أنه فعل ماض.
والوجه الثالث: أنهم قالوا: الدليل على أنه فعل ماضٍ، أنه مفتوح الآخر؛ فلو لم يكن فعلاً، لما كان لبنائه على الفتح وجه، إذ لو كان اسْمًا؛ لكان يجب أن يكون مرفوعًا؛ لوقوعه خبرا لـ: "ما" قبله بالإجماع، فلمَّا وجب أن يكون مفتوحًا، دلَّ على أنه فعل ماض.
[استدلالات الكوفيين على اسميه حبذا] !!!!!!!!!!!!!
وذهب الكوفيون إلى أنه اسم، واستدلوا على ذلك من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أنهم قالوا: الدليل على أنه اسم أنه لا يتصرف، ولو كان فعلاً؛ لوجب[2] أن يكون متصرفًا؛ لأن التصرف من خصائص الأفعال، فلمَّا لم يتصرف، دلَّ على أنه ليس بفعل؛ فوجب أن يلحق الأسماء.
والوجه الثاني: أنهم قالوا: الدليل على أنه اسم أنه يدخله التصغير؛ والتصغير من خصائص الأسماء؛ قال الشاعر[3]: [البسيط]
يَامَا أُمَيلِحَ غِزْلانًا شَدَنَّ لَنَا ... مِنْ هؤُليَّائِكُنَّ الضَّالِ والسَّمُرِ4
والوجه الثالث: أنهم قالوا: الدليل على أنه اسم أنه يصح نحو: ما [1] سقطت من "ط". [2] في "س" لكان يجب؛ وكلاهما صحيح. [3] نُسب البيت إلى عدد من الشعراء؛ منهم المجنون؛ والبيت في ديوانه ص130؛ والعرجيّ، وذو الرُّمَّة، والحسين بن عبد الله.
4 المفردات الغريبة شَدَنَّ: يقال شدن الظبي: إذا قوي، وطلع قرناه، واستغنى عن أمه. هؤليَّائكن: تصغير هؤلاء. الضَّال: شجر السدر البري. السَّمُر: شجر الطَّلح. راجع القاموس: مادة "سمر" ص 369.
موطن الشاهد: "أُمَيلِحَ". وجه الاستشهاد: تصغير فعل التعجب، واستدل به الكوفيون على أنه اسم؛ لأن التصغير من خصائص الأسماء؛ والصواب ما ذهب إليه البصريون. وفي البيت شاهد آخر على تصغير اسم الإشارة "أولاء" مع اقترانه بالهاء.