وهو أبو عمرو شَمر بن حَمْدَوَيه الهرويّ [1]، كانت له عناية صادقة باللّغة في هراة؛ فاشتهر فيها بعد رحلته إلى العراق في شبابه ولقائه ابن الأعرابيّ وغيره من اللّغويّين من أصحاب أبي عمرو الشّيبانيّ وأبي زيد الأنصاريّ، وأبي عبيدة والفرّاء وغيرهم، ثمّ عودته إلى نيسابور، ولقائه أصحاب النَّضِر بن شميل واللّيث بن المظفّر [2].
ولمّا ألقى شمر عصاه بهراة ألّف كتاباً كبيراً في اللّغة جعله على حروف المعجم، وابتدأ بحرف الجيم، فجوّده وأشبعه بالشّواهد والرّوايات الجمّة عن أئمّة اللّغة والأعراب، فكتمه ضناً به في حياته، ولم ينسخه طُلابه، فلم يبارك له فيما فعله - كما يقول أصحاب التّراجم [3] - حتى مضى لسبيله وضاع، ولم يصل منه إلا تفاريقُ في كتب اللّغة نقلها عنه تلامذته.
وكان من هؤلاء التّلامذة أبو تراب اللّغويّ أخذ عنه عند قدومه هراة. قال الأزهريّ: "وكان أبو تراب الّذي ألّف كتاب الاعتقاب قدم هراة مستفيداً من شمر، وكتب عنه شيئاً كثيراً" [4].
وقد ذكر أبو تراب سماعه عن شمر [5]، وكان يذاكره ويراجعه ويأنس برأيه كقوله مثلاً: "فذكرته لشمر بن حمدويه، وتبّرأت إليه من معرفته ... " 6 [1] من مصادر ترجمته: التّهذيب 1/25، ونزهة الألباء 151، ومعجم الأدباء 3/1420، وإنباه الرواة 2/77، وإشارة التعيين 141، وبغية الوعاة 2/4. [2] ينظر: التّهذيب 1/25، وإنباه الرواة 2/77. [3] ينظر: المصدر السابق 1/25، ونزهة الألبا 151، ومعجم الأدباء 3/1421. [4] التّهذيب 1/26، وإنباه الرواة 4/103. [5] ينظر: التّهذيب 4/27.
6 ينظر: المصدر السابق 3/262، 263.