نام کتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى نویسنده : السمهودي جلد : 1 صفحه : 237
في أصحابي جهدا، قال: انهض إليهم فلأضعضعنهم، قال: فأدبر جبريل ومن معه من الملائكة حتى سطع الغبار في زقاق بني غنم من الأنصار.
قلت: زقاقهم هو عند موضع الجنائز في شرقي المسجد، كما علم من ذكر منازلهم.
وفي رواية: لما انصرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الخندق والمسلمون، ووضعوا السلاح، أتى جبريل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معتجرا بعمامة [1] من استبرق على بغلة عليها قطيفة من ديباج، فقال: أوقد وضعت السلاح يا رسول الله؟ قال: نعم، فقال: ما وضعت الملائكة السلاح بعد، وما رجعت إلا من طلب القوم، إن الله يأمرك بالسير إلى بني قريظة، فأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بلالا فأذن في الناس: من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة، وقدم علي بن أبي طالب برايته إلى بني قريظة، وابتدرها الناس، وحاصرهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خمسا وعشرين ليلة في رواية، وفي أخرى خمس عشرة، وعند ابن سعد عشرة، حتى أجهدهم الحصار، وقذف في قلوبهم الرعب، فعرض عليهم رئيسهم كعب بن أسد وقال لهم: إما أن تؤمنوا بمحمد فو الله إنه نبي أو تقتلوا نساءكم وأبناءكم وتخرجوا مستقتلين ليس وراءكم ثقل [2] وتبيتوا المسلمين ليلة السبت، فقالوا: لا نؤمن ولا نستحل السبت، وأي عيش لنا بعد أبنائنا ونسائنا؟ وأرسلوا إلى أبي لبابة بن عبد المنذر أخي بني عمرو بن عوف من الأوس، وكانوا حلفاءهم، فاستشاروه في النزول على حكم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأشار إلى حلقه، يعني الذيح، ثم ندم، فتوجه إلى المسجد النبوي، وارتبط بسارية تعرف به اليوم حتى تاب الله عليه، واستشهد من المسلمين خلاد بن سويد من بني الحارث بن الخزرج، طرحت عليه امرأة من بني قريظة رحى فقتلته، وأمر صلّى الله عليه وسلّم بقتلها بعد ذلك، ومات في الحصار أبو سنان بن محصن الأسدي أخو عكاشة بن محصن، فدفنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في مقبرة بني قريظة التي تدافن فيها المسلمون لما سكنوها، ولم يصب غير هذين، فلما اشتد بهم الحصار أذعنوا [3] أن ينزلوا على حكم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال الأوس: قد فعلت في موالي الخزرج- أي: بني قينقاع- ما علمت، فال: ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم؟ قالوا: بلى، قال: فذلك إلى سعد بن معاذ، وكان سعد قد أصابه سهم في أكحله [4] يوم الخندق، فأتاه قومه، فحملوه على حمار، ثم أقبلوا معه يقولون: يا أبا عمرو، أحسن في مواليك فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إنما ولاك ذلك لتحسن فيهم، فلما أكثروا [1] اعتجر بالعمامة: لفّها على رأسه وردّ طرفها على وجهه. [2] الثقل: الحمل الثقيل. ومتاع المسافر. [3] أذعنوا: انقادوا وأقروا. [4] الأكحل: وريد في وسط الذراع يفصد أو يحقن.
نام کتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى نویسنده : السمهودي جلد : 1 صفحه : 237