نام کتاب : نزهة المشتاق فى اختراق الآفاق نویسنده : الإدريسي جلد : 1 صفحه : 323
حتى نفجع هذه الحمامة بكسر بيضتها فترك الفسطاط وأقام بمصر إلى أن تخلص فرخ الحمامة ثم ارتحل وتسمى مدينة مصر باللسان اليوناني ببيلونة وهي الآن مدينة كبيرة على غاية من العمارة والخصب والطيب والحسن فسيحة الطرقات متقنة البناءات قائمة الأسواق نافقة التجارات متصلة العمارات نامية الزراعات لأهلها همم سامية ونفوس نقية عالية وأموال مبسوطة نامية وأمتعة رائقة لا تشتغل نفوسهم بهم ولا تعقد قلوبهم على غم لكثرة أمنهم ورفاهة عيشهم وانبساط العدل والحماية فيهم وطول المدينة ومقدارها ثلاثة فراسخ والنيل يأتيها من أعلى أرضها فيجتازها من ناحية جنوبها وينعطف مع غربيها فينقسم قدامها قسمين يعدى في المدينة من الذراع الواحد إلى الآخر.
وفي هذه الجزيرة مساكن كثيرة جليلة ومبان متصلة على ضفة النيل وهذه الجزيرة تسمى دار المقياس وسنصفه بعد هذا بحول الله وهذه الجزيرة يجاز إليها على جسر فيه نحو ثلاثين سفينة ويجاز القسم الثاني وهو أوسع من الأول على جسر آخر وسفنه أكثر من الأول أضعافا مضاعفة وطرف هذا الجسر يتصل بالشط المعروف بالجيزة وهناك مبان حسنة وقصور شاهقة العلو وسوق وعمارة.
وأرض مصر سبخة غير خالصة التراب وبنيان دورها كلها وقصورها طبقات بعضها فوق بعض والأعم من ذلك تكون طباقها في العلو خمسة وستة وسبعة وربما سكن في الدار المائة من الناس وأكثر وأخبر الحوقلي في كتابه أنه كان بمصر على عهد تأليفه لكتابه دار تعرف بدار عبد العزيز في الموقف يصب لمن فيها في كل يوم أربعمائة راوية ماء وفيها خمسة مساجد
نام کتاب : نزهة المشتاق فى اختراق الآفاق نویسنده : الإدريسي جلد : 1 صفحه : 323